بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 أبريل 2012

الجزء الثالث والعشرون



الفصل الحادي والعشرون بعد المئتين

     والتفت يسوع الى الذي يكتب وقال: يا برنابا عليك أن تكتب انجيلي حتما وما حدث في شأني مدة وجودي في العالم، واكتب أيضا ما حلّ بيهوذا ليزول انخداع المؤمنين ويصدق كل أحد الحق، حينئذ أجاب الذي يكتب: اني لفاعل ذلك ان شاء الله يا معلم، ولكن لا أعلم ما حدث ليهوذا لأني لم أر كل شيء، أجاب يسوع: ههنا يوحنا وبطرس اللذان قد عاينا كل شيء فهما يخبرانك بكل ما حدث، ثم أوصانا يسوع أن ندعو تلاميذه المخلصين ليروه، فجمع حينئذ يعقوب ويوحنا التلاميذ السبعة مع نيقوديموس ويوسف وكثيرين آخرين من الاثنين والسبعين وأكلوا مـع يسوع ، وفي اليوم الثالث قال يسوع : اذهبوا مع امي الى جبل الزيتون، لأنني أصعد من هناك أيضا الى السماء ، وسترون من يحملني ، فذهب الجميع خلا خمسة وعشرين من التلاميذ الاثنين والسبعين الذين كانوا قد هربوا الى دمشق من الخوف ، وبينما كان الجميع وقوفا للصلاة جاء يسوع وقت الظهيرة مع جم غفير من الملائكة الذين كانوا يسبحون الله ، فطاروا فرقا من سناء وجهه فخروا على وجوههم الى الارض ، ولكن يسوع أنهضهم وعزاهم قائلا : لا تخافوا أنا معلمكم، ووبخ كثيرين من الذين اعتقدوا انه مات وقام قائلا : أتحسبونني أنا والله كاذبين ؟ ، لأن الله وهبني أن أعيش حتى قبيل انقضاء العالم كما قد قلت لكم ، الحق أقول لكم اني لم أمت بل يهوذا الخائن ، احذروا لأن الشيطان سيحاول جهده أن يخدعكم ، ولكن كونوا شهودي في كل اسرائيل وفي العالم كله لكل الأشياء التي رأيتموها وسمعتموها ، وبعد أن قال هذا صلى لله لأجل خلاص المؤمنين وتجديد الخطأة ، فلما انتهت الصلاة عانق امه قائلا : سلام لك يا أمي ، توكلي على الله الذي خلقك وخلقني ، وبعد ان قال هذا التفت الى تلاميذه قائلا : لتكن نعمة الله ورحمته معكم ، ثم حملته الملائكة الاربعة أمام أعينهم الى السماء .

الفصل الثاني والعشرون بعد المئتين

     وبعد ان انطلق يسوع تفرقت التلاميذ في انحاء اسرائيل والعالم المختلفة ، أمام الحق المكروه من الشيطان فقد اضطهده الباطل كما هي الحال دائما ، فان فريقا من الأشرار المدعين أنهم تلاميذ بشروا بأن يسوع مات ولن يقوم ، وآخرون بشروا بأنه مات بالحقيقة ثم قام ، وآخرون بشروا ولا يزالون يبشرون بأن يسوع هو ابن الله وقد خدع في عدادهم بولص ، أما نحن فإنما نبشر بما كتبت الذين  يخافون الله ليخلصوا في اليوم الآخير لدينونة الله آمين .

الجزء الثاني والعشرون




الفصل الحادي عشر بعد المئتين

     ولما كان يسوع في بيت نيقوديموس وراء جدول قدرون عزى تلاميذه قائلا: لقد دنت الساعة التي انطلق فيها من هذا العالم، تعزوا ولا تحزنوا لانني حيث أمضي لا اشعر بمحنة، اتكونون اخلائي لو حزنتم لحسن حالي؟ لا البتة بل بالحري اعداء، اذا سر العالم فاحزنوا، لأن مسرة العالم تنقلب بكاء، أما حزنكم فسيتحول فرحا، ولن ينزع فرحكم منكم أحد، لان العالم بأسره لا يقدر ان ينزع الفرح الذي يشعر به القلب بالله خالقه، وأنظروا ان لا تنسوا الكلام الذي كلمكم الله به على لساني، كونوا شهودي على كل من يفسد الشهادة التي قد شهدتها بانجيلي على العالم وعلى عشاق العالم.

الفصل الثاني عشر بعد المئتين

     ثم رفع يديه الى الرب وصلى قائلا: أيها الرب إلهنا إله إبراهيم وإله إسماعيل وإسحق إله آبائنا ارحم من اعطيتني وخلصهم من العالم، لا أقول خذهم من العالم لأنه الضروري أن يشهدوا على الذين يفسدون انجيلي، ولكن أضرع اليك أن تحفظهم من الشرير، حتى يحضروا معي يوم الدينونة يشهدوا على العالم وعلى بيت اسرائيل الذي أفسد عهدك، أيها الرب الإله القدير الغيور الذي ينتقم في عبادة الاصنام من أبناء الآباء عبدة الأصنام حتى الجيل الرابع العن الى الابد كل من يفسد انجيلي الذي أعطيتني عندما يكتبون اني ابنك، لأني أنا الطين والتراب خادم خدمك ولم أحسب نفسي قط خادما صالحا لك، لأني لا أقدر أن اكافئك على ما أعطيتني لأن كل الأشياء لك، أيها الرب الإله الرحيم الذي تظهر رحمة الى ألف جيل للذين يخافونك ارحم الذين يؤمنون بالكلام الذي أعطيتني اياه، لأن كلمتك التي تكلمتها هي حقيقة كما أنك أنت الإله الحقيقي لأنها كلمتك أنت، فاني أتكلم دائما كمن يقرأ ولا يقدر أن يقرأ إلا ما هو مكتوب في الكتاب الذي يقرأه، هكذا قلت ما قد أعطيتني اياه، أيها الرب الإله المخلص خلص من قد أعطيتني لكيلا يقدر الشيطان أن يفعل شيئا ضدهم، ولا تخلصهم هم فقط بل كل من يؤمن لهم، أيها الرب الجواد والغني في الرحمة امنح خادمك أن يكون بين امة رسولك يوم الدين، وليس انا فقط بل كل من قد أعطيتني مع سائر الذين سيؤمنون بي بواسطة بشيرهم، وافعل هذا يا رب لأجل ذاتك حتى لا يفاخر الشيطان يا رب، أيها الرب الإله الذي بعنايتك تقدم كل الضروريات لشعبك اسرائيل اذكر قبائل الأرض كلها التي قد وعدت أن تباركها برسولك الذي لأجله خلقت العالم، إرحم العالم وعجل بارسال رسولك لكي يسلب الشيطان عدوك مملكته، وبعد أن فرغ يسوع من هذا قال ثلاث مرار: ليكن هذا أيها الرب العظيم الرحيم، فأجابوا كلهم باكين: ليكن هكذا ليكن هكذا، خلا يهوذا لأنه لم يؤمن بشيء.

الفصل الثالث عشر بعد المئتين

     ولما جاء يوم أكل الحمل أرسل نيقوديموس الحمل سرا الى البستان ليسوع وتلاميذه، مخبرا بكل ما أمر به هيرودس والوالي ورئيس الكهنة، فتهلل من ثم يسوع قائلا: تبارك اسمك القدوس يا رب لأنك لم تفرزني من عدد خدمتك الذين اضطهدهم وقتلهم العالم، أشكرك يا إلهي لأنك قد أتممت عملك، ثم التفت الى يهوذا وقال له: يا صديق لماذا تتأخر؟، ان وقتي قد دنا فاذهب وافعل ما يجب أن تفعله، فظن التلاميذ ان يسوع ارسل يهوذا يشتري شيئا ليوم الفصح، ولكن يسوع عرف أن يهوذا كان على وشك تسليمه، ولذلك قال هكذا لأنه كان يحب الانصراف من العالم، أجاب يهوذا: تمهل عليّ يا سيد حتى آكل ثم أذهب، فقال يسوع: لنأكل لأني اشتهيت جدا ان آكل هذا الحمل قبل أن أنصرف عنكم، ثم قام وأخذ منشفة ومنطق حقويه، ثم وضع ماء في طست وشرع يغسل أرجل تلاميذه، فابتدأ يسوع بيهوذا وانتهى ببطرس، فقال بطرس: يا سيد أتغسل رجلي؟، أجاب يسوع: أن ما أفعله لا تفهمه الآن ولكن ستعلمه فيما بعد، أجاب بطرس: لن تغسل رجلي أبدا، حينئذ نهض يسوع وقال : أنت لا تأتي بصحبتي في يوم الدينونة، أجاب بطرس: لا تغسل رجلي فقط بل يدي ورأسي، فبعد غسل التلاميذ وجلوسهم على المائدة ليأكلوا قال يسوع: لقد غسلتكم ولكن مع ذلك لستم كلكم طاهرين، لان ماء البحر لا يطهِّر من لا يصدّقني، قال هذا يسوع لأنه علم من سيسلمه، فحزن التلاميذ لهذه الكلمات، فقال يسوع أيضا: الحق أقول لكم أن واحدا منكم سيسلمني فأباع كخروف، ولكن ويل له لأنه سيتم كل ما قال داود أبونا عنه انه(سيسقط في الهوة التي أعدها للآخرين)، فنظر من ثم التلاميذ بعضهم الى بعض قائلين بحزن: من سيكون الخائن؟، فقال حينئذ يهوذا: أأنا هو يا معلم؟، أجاب يسوع: لقد قلت لي من هو الذي سيسلمني، أما الأحد عشر رسولا فلم يسمعوه، فلما أكل الحمل ركب الشيطان ظهر يهوذا فخرج من البيت ويسوع يقول أيضا: أسرع بفعل ما أنت فاعل.

الفصل الرابع عشر بعد المئتين

     وخرج يسوع من البيت ومال الى البستان ليصلي فجثا على ركبتيه مئة مرة معفرا وجهه كعادته في الصلاة، ولما كان يهوذا يعرف الموضع الذي كان يسوع مع تلاميذه ذهب لرئيس الكهنة،وقال: اذا أعطيتني ما وعدت به أسلم هذه الليلة ليدك يسوع الذي تطلبونه، لأنه منفرد مع أحد عشر رفيقا، أجاب رئيس الكهنة: كم تطلب؟، قال يهوذا: ثلاثين قطعة من الذهب، فحينئذ عدّ له رئيس الكهنة النقود فورا، وأرسل فريسيا الى الوالي وهيرودس ليحضر جنودا، فأعطياه كتيبة منها لأنهما خافا الشعب، فأخذوا من ثم اسلحتهم وخرجوا من اورشليم بالمشاعل والمصابيح على العصي.
     
الفصل الخامس عشر بعد المئتين

     ولما دنت الجنود مع يهوذا من المحل الذي كان فيه يسوع سمع يسوع دنو جم غفير، فلذلك انسحب الى البيت خائفا، وكان الأحد عشر نياما، فلما رأى الله الخطر على عبده أمر جبريل وميخائيل ورفائيل وأوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم، فجاء الملائكة الأطهار وأخذوا يسوع من النافذة المشرفة على الجنوب، فحملوه ووضعوه في السماء الثالثة في صحبة الملائكة التي تسبح الله الى الابد.

الفصل السادس عشر بعد المئتين

    ودخل يهوذا بعنف الى الغرفة التي اصعد منها يسوع، وكان التلاميذ كلهم نياما، فأتى الله العجيب بأمر عجيب، فتغير يهوذا في النطق وفي الوجه فصار شبها بيسوع حتى اننا اعتقدنا انه يسوع، أما هو فبعد ان أيقظنا أخذ يفتش لينظر أين كان المعلم، لذلك تعجبنا وأجبنا: أنت يا سيد هو معلمنا، أنسيتنا الآن؟، أما هو فقال متبسما: هل أنتم أغبياء حتى لا تعرفون يهوذا الاسخريوطي، وبينما كان يقول هذا دخلت الجنود وألقوا أيديهم على يهوذا لأنه كان شبيها بيسوع من كل وجه، أما نحن فلما سمعنا قول يهوذا ورأينا جمهور الجنود هربنا كالمجانين، ويوحنا الذي كان ملتفا بملحفة من الكتان استيقظ وهرب، ولما أمسكه جندي بملحفه الكتان ترك ملحفة الكتان وهرب عريانا، لأن الله سمع دعاء يسوع وخلص الأحد عشر من الشر.
الفصل السابع عشر بعد المئتين

     فاخذ الجنود يهوذا واوثـقوه ساخرين منه, لأنه انكر وهو صادق انه هو يسوع, فقال الجنود مستهزئين به: يا سيدي  لا تخف لأننا قد اتينا لنجعلك ملكا على اسرائيل, وإنما اوثقناك لاننا نعلم انك ترفض المملكة,اجاب يهوذا:لعلكم جننتم,انكم اتيتم بسلاح ومصابيح لتأخذوا يسوع الناصري كأنه لص افتوثقونني انا الذي ارشدتكم لتجعلوني ملكا!، حينئذ خان الجنود صبرهم وشرعوا يمتهنون يهوذا بضربات ورفسات وقادوه بحنق الى اورشليم، وتبع يوحنا وبطرس الجنود عن بعد وأكدا للذي يكتب انهما شاهدا كل التحري الذي تحراه بشأن يهوذا رئيس الكهنة ومجلس الفريسيين الذين اجتمعوا ليقتلوا يسوع، فتكلم من ثمّ يهوذا كلمات جنون كثيرة، حتى أن كل واحد أغرق في الضحك معتقدا انه بالحقيقة يسوع وانه يتظاهر بالجنون خوفا من الموت، لذلك عصب الكتبة عينيه بعصابة، وقالوا له مستهزئين: يا يسوع نبي الناصريين (فانهم هكذا كانوا يدعون المؤمنين بيسوع) قل لنا من ضربك، ولطموه وبصقوا فى وجهه، ولما اصبح الصباح التأم المجلس الكبير للكتبة وشيوخ الشعب، وطلب رئيس الكهنة مع الفريسيين شاهد زور على يهوذا معتقدين انه يسوع فلم يجدوا مطلبهم، ولماذا أقول ان رؤساء الكهنة اعتقدوا أن يهوذا يسوع؟، بل التلاميذ كلهم مع الذي يكتب اعتقدوا ذلك، بل أكثر من ذلك ان أم يسوع العذراء المسكينة مع أقاربه وأصدقائه اعتقدوا ذلك، حتى ان حزن كل واحد كان يفوق التصديق، لعمر الله ان الذي يكتب نسي كل ما قاله يسوع: من انه يرفع من العالم وأن شخصا آخر سيعذب باسمه وانه لا يموت الا وشك نهاية العالم، لذلك ذهب ( الذي يكتب) مع أم يسوع ومع يوحنا الى الصليب، فأمر رئيس الكهنة أن يؤتى بيسوع موثقا أمامه، وسأله عن تلاميذه وعن تعليمه، فلم يجب يهوذا بشيء في الموضوع كأن جن، حينئذ استحلفه رئيس الكهنة باله اسرائيل الحي أن يقول له الحق، أجاب يهوذا: لقد قلت لكم اني يهوذا الاسخريوطي الذي وعد أن يسلم الى أيديكم يسوع الناصري، أما أنتم فلا أدري بأي حيلة قد جننتم، لأنكم تريدون بكل وسيلة أن أكون أنا يسوع، أجاب رئيس الكهنة: أيها الضال المضل لقد ضللت كل اسرائيل بتعليمك وآياتك الكاذبة مبتدئا من الجليل حتى اورشليم هنا، أفيخيل لك الآن أن تنجو من العقاب الذي تستحقه والذي أنت أهل له بالتظاهر بالجنون؟، لعمر الله انك لا تنجو منه، وبعد أن قال هذا أمر خدمه أن يوسعوه لطما ورفسا لكي يعود عقله الى رأسه، ولقد أصابه من الاستهزاء على يد خدم رئيس الكهنة ما يفوق التصديق، لانهم اخترعوا أساليب جديدة بغيرة ليفكهوا المجلس، فألبسوه لباس مشعوذ وأوسعوه ضربا بأيديهم وأرجلهم حتى ان الكنعانيين أنفسهم لو رأوا ذلك المنظر لتحننوا عليه، ولكن قست قلوب رؤساء الكهنة والفريسيين وشيوخ الشعب على يسوع الى حد سروا معه أن يروه معاملا هذه المعاملة معتقدين أن يهوذا هو بالحقيقة يسوع، ثم قادوه بعد ذلك موثقا الى الوالي الذي كان يحب يسوع سرا، ولما كان يظن أن يهوذا هو يسوع أدخله غرفته وكلمه سائلا اياه لأي سبب قد سلمه رؤساء الكهنة والشعب الى يديه، أجاب يهوذا: لو قلت لك الحق لما صدقتني لأنك قد تكون مخدوعا كما خدع الكهنة والفريسيون، أجاب الوالي(ظانا انه أراد أن يتكلم عن الشريعة): ألا تعلم اني لست يهوديا؟، ولكن الكهنة وشيوخ الشعب قد سلموك ليدي، فقل لنا الحق لكي أفعل ما هو عدل، لأن لي سلطانا أن أطلقك وأن آمر بقتلك، أجاب يهوذا: صدقني يا سيد انك اذا أمرت بقتلي ترتكب ظلما كبيرا لأنك تقتل بريئا، لأني أنا يهوذا الاسخريوطي لا يسوع الذي هو ساحر فحولني هكذا بسحره، فلما سمع الوالي هذا تعجب كثيرا حتى انه طلب أن يطلق سراحه، لذلك خرج الوالي وقال متبسما: من جهة واحده على الاقل لا يستحق هذ الانسان الموت بل الشفقة، ثم قال الوالي: ان هذا الانسان يقول انه ليس يسوع بل يهوذا الذي قاد الجنود ليأخذوا يسوع، ويقول أن يسوع الجليلي قد حوله هكذا بسحره، فاذا كان هذا صدقا يكون قتله ظلما كبيرا لأنه يكون بريئا، ولكن اذا كان هو يسوع وينكر انه هو فمن المؤكد انه قد فقد عقله ويكون من الظلم قتل مجنون، حينئذ صرخ رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب مع الكتبة والفريسيين بصخب قائلين: انه يسوع الناصري فاننا نعرفه، لانه لو لم يكن هو المجرم لما أسلمناه ليديك، وليس هو بمجنون بل بالحري خبيث لأنه بحيلته هذه يطلب أن ينجو من أيدينا، واذا نجا تكون الفتنة التي يثيرها شرا من الاولى، أما بيلاطس (وهو اسم الوالي) فلكي يتخلص من هذه الدعوى قال: انه جليلي وهيرودس هو ملك الجليل، فليس من حقي الحكم في هذه الدعوى، فخذوه الى هيرودس، فقادوا يهوذا الى هيرودس الذي طالما تمنى أن يذهب يسوع الى بيته، ولكن يسوع لم يرد قط أن يذهب الى بيته، لأن هيرودس كان من الامم وعبد الآلهة الباطلة الكاذبة عائشا بحسب عوائد الامم النجسة، فلما قيد يهوذا إلى هناك سأله هيرودس عن أشياء كثيرة لم يحسن يهوذا الاجابة عنها منكرا انه هو يسوع، حينئذ سخر به هيرودس مع بلاطه كله وأمر أن يلبس ثوبا أبيض كما يلبس الحمقى، ورده الى بيلاطس قائلا له: لا تقصر في اعطاء العدل بيت اسرائيل، وكتب هيرودس هذا لأن رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين أعطوه مبلغا كبيرا من النقود، فلما علم الوالي من أحد خدم هيرودس ان الامر هكذا تظاهر بأنه يريد أن يطلق سراح يهوذا طمعا في نيل شيء من النقود، فأمر عبيده الذين دفع لهم الكتبة(نقودا) ليقتلوه أن يجلدوه ولكن الله الذي قدر العواقب أبقى يهوذا للصليب ليكابد ذلك الموت الهائل الذي كان أسلم اليه آخر، فلم يسمح بموت يهوذا تحت الجلد مع ان الجنود جلدوه بشدة سال معها جسمه دما، ولذلك ألبسوه ثوبا قديما من الارجوان تهكما قائلين: يليق بملكنا الجديد أن يلبس حلة ويتوج، فجمعوا شوكا وصنعوا اكليلا شبيها بأكاليل الذهب والحجارة الكريمة التي يضعها الملوك على رؤوسهم، ووضعوا اكليل الشوك على رأس يهوذا، ووضعوا في يده قصبة كصولجان وأجلسوه في مكان عال، ومر من أمامه الجنود حانين رؤوسهم تهكما مؤدين له السلام كأنه ملك اليهود، وبسطوا أيديهم لينالوا الهبات التي اعتاد اعطاءها الملوك الجدد، فلما لم ينالوا شيئا ضربوا يهوذا قائلين: كيف تكون اذا متوجا أيها الملك اذا كنت لا تهب الجنود والخدم؟، فلما رأى رؤساء الكهنة مع الكتبة والفريسيين أن يهوذا لم يمت من الجلد ولما كانوا يخافون أن يطلق بيلاطس سراحه أعطوه هبة من النقود للوالي فتناولها وأسلم يهوذا للكتبة والفريسيين كأنه مجرم يستحق الموت، وحكموا بالصلب على لصين معه، فقادوه الى جبل الجمجمة حيث اعتادوا شنق المجرمين وهناك صلبوه عريانا مبالغة في تحقيره، ولم يفعل يهوذا شيئا سوى الصراخ: يا الله لماذا تركتني فان المجرم قد نجا أما أنا فأموت ظلما، الحق أقول أن صوت يهوذا ووجهه وشخصه بلغت من الشبه بيسوع ان اعتقد تلاميذه والمؤمنون به كافة انه هو يسوع، لذلك خرج بعضهم من تعليم يسوع معتقدين أن يسوع كان نبيا كاذبا وأنه إنما فعل الآيات التي فعلها بصناعة السحر، لأن يسوع قال انه لا يموت الى وشك انقضاء العالم، لأنه سيؤخذ في ذلك الوقت من العالم، فالذين ثبتوا راسخين في تعليم يسوع حاق بهم الحزن اذ رأوا من يموت شبيها بيسوع كل الشبه حتى انهم لم يذكروا ما قاله يسوع، وهكذا ذهبوا في صحبة ام يسوع الى جبل الجمجمة، ولم يقتصروا على حضور موت يهوذا باكين على الدوام بل حصلوا بواسطة نيقوديموس ويوسف الابار يماثيائي من الوالي على جسد يهوذا ليدفنوه، فأنزلوه من ثم عن الصليب ببكاء لا يصدقه أحد، ودفنوه في القبر الجديد ليوسف بعد ان ضمخوه بمئة رطل من الطيوب.

الفصل الثامن عشر بعد المئتين

     ورجع كل الى بيته، ومضى الذي يكتب ويوحنا ويعقوب واخوه مع ام يسوع الى الناصرة، أما التلاميذ الذين لم يخافوا الله فذهبوا ليلا وسرقوا جسد يهوذا وخبأوه وأشاعوا ان يسوع قام، فحدث بسبب هذا اضطراب، فأمر رئيس الكهنة أن لا يتكلم أحد عن يسوع الناصري والا كان تحت عقوبة الحرم، فحصل اضطهاد عظيم فرجم وضرب ونفي من البلاد كثيرون لأنهم لم يلازموا الصمت في هذا الأمر، وبلغ الخبر الناصرة كيف ان يسوع أحد أهالي مدينتهم قام بعد ان مات على الصليب، فضرع الذي يكتب الى ام يسوع أن ترضى فتكف عن البكاء لأن ابنها قام فلما سمعت العذراء مريم هذا قالت باكية: لنذهب الى اورشليم لننشد ابني، فاني اذا رأيته مت قريرة العين.

الفصل التاسع عشر بعد المئتين

     فعادت العذراء الى اورشليم مع الذي يكتب ويعقوب ويوحنا في اليوم الذي صدر فيه أمر رئيس الكهنة، ثم ان العذراء التي كانت تخاف الله أوصت الساكنين معها أن ينسوا ابنها مع انها عرفت ان رئيس الكهنة ظلم، وما كان أشد انفعال كل أحد!، والله الذي يبلو قلوب البشر يعلم أننا فنيِنَا بين الأسى على موت يهوذا الذي كنا نحسبه يسوع معلمنا وبين الشوق الى رؤيته قائما، وصعد الملائكة الذين كانوا حراسا على مريم الى السماء الثالثة حيث كان يسوع في صحبة الملائكة وقصوا عليه كل شيء، لذلك ضرع يسوع الى الله أن يأذن له بأن يرى امه وتلاميذه، فأمر حينئذ الرحمن ملائكته الاربعة المقربين الذين هم جبريل وميخائيل ورافائيل وأوريل أن يحملوا يسوع الى بيت امه، وأن يحرسوه هناك مدة ثلاثة أيام متوالية، وأن لا يسمحوا لأحد أن يراه خلا الذين آمنوا بتعليمه، فجاء يسوع محفوفا بالسناء الى الغرفة التي أقامت فيها مريم العذراء مع أختيها ومرثا ومريم المجدلية ولعازر والذي يكتب ويوحنا ويعقوب وبطرس، فخرّوا من الهلع كأنهم أموات، فأنهض يسوع أمه والاخرين عن الارض قائلا: لا تخافوا لأني انا يسوع، ولا تبكوا فاني حي لا ميت، فلبث كل منهم زمنا طويلا كالمخبول لحضور يسوع، لأنهم اعتقدوا اعتقادا تاما بأن يسوع مات، فقالت حينئذ العذراء باكية: قل لي يا نبي لماذا سمح الله بموتك ملحقا العار بأقربائك اخلائك وملحقا العار بتعليمك؟ وقد أعطاك قوة على احياء الموتى، فان كل من يحبك كان كميت.

الفصل العشرون بعد المئتين

     أجاب يسوع معانقا امه: صدقيني يا اماه لأني أقول لك بالحق اني لم أمت قط، لأن الله قد حفظني الى قرب انقضاء العالم، ولما قال هذا رغب الى الملائكة الاربعة أن يظهروا ويشهدوا كيف كان الامر، فظهر من ثم الملائكة كأربع شموس متألقة حتى أن كل أحد خرّ من الهلع ثانية كأنه ميت، فأعطى حينئذ يسوع الملائكة اربع ملاء من كتان ليستروا بها أنفسهم لتتمكن امه ورفاقها من رؤيتهم وسماعهم يتكلمون، وبعد ان أنهض كل واحد منهم عزاهم قائلا: ان هؤلاء هم سفراء الله، جبريل الذي يعلن أسرار الله، وميخائيل الذي يحارب أعداء الله، ورافائيل الذي يقبض أرواح الميتين، وأوريل الذي ينادي الى دينونة الله في اليوم الآخر، ثم قص الملائكة الاربعة على العذراء كيف أن الله أرسل الى يسوع وغيَّر(صورة) يهوذا ليكابد العذاب الذي باع له آخر، حينئذ قال الذي يكتب: يا معلم أيجوز لي أن أسألك الآن كما كان يجوز عندما كنت مقيما معنا؟، أجاب يسوع: سل ما شئت يا برنابا أجبك، فقال حينئذ الذي يكتب: يا معلم اذا كان الله رحيما فلماذا عذبنا بهذا المقدار بما جعلنا نعتقد انك كنت ميتا؟، ولقد بكتك امك حتى أشرفت على الموت، وسمح الله أن يقع عليك عار القتل بين اللصوص على جبل الجمجمة وأنت قدوس الله، أجاب يسوع: صدقني يا برنابا ان الله يعاقب على كل خطيئة مهما كانت طفيفة عقابا عظيما لأن الله يغضب من الخطيئة، فلذلك لما كانت امي وتلاميذي الامناء الذين كانوا معي أحبوني قليلا حبا عالميا أراد الله البر أن يعاقب على هذا الحب بالحزن الحاضر حتى لا يعافب عليه بلهب الجحيم، فلما كان الناس قد دعوني الله وابن الله على أني كنت بريئا في العالم أراد الله أن يهزأ الناس بي في هذا العالم بموت يهوذا معتقدين انني أنا الذي مت على الصليب لكيلا تهزأ الشياطين بي في يوم الدينونة، وسيبقى هذا الى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله، وبعد ان تكلم يسوع بهذا قال: انك لعادل أيها الرب إلهنا لأن لك وحدك الإكرام والمجد بدون نهاية .


الجزء الحادى والعشرون




الفصل الواحد بعد المئتين

     وبعد ان دخل يسوع الهيكل أحضر اليه الكتبة والفريسيون امرأة أخذت في زنى، وقالوا فيما بينهم: اذا خلصها فذلك مضاد لشريعة موسى فيكون عندنا مذنبا واذا دانها فذلك مضاد لتعليمه لأنه يبشر الرحمة، فتقدموا الى يسوع وقالوا: يا معلم لقد وجدنا هذه المرأة وهي تزني، وقد أمر موسى ان(مثل هذه) ترجم، فماذا تقول أنت؟، فانحنى من ثم يسوع وصنع باصبعه مرآة على الارض رأى فيها كل اثمه، ولما ظلوا يلحون بالجواب انتصب يسوع وقال مشيرا باصبعه الى المرآة: من كان منكم بلا خطيئة فليكن أول راجم لها، ثم عاد فانحنى مقلبا المرآة، فلما رأى القوم هذا خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ لأنهم خجلوا أن يروا رجسهم، ولما انتصب يسوع ولم ير أحدا سوى المرأة قال: أيتها المرأة أين الذين دانوك؟، فأجابت المرأة باكية: يا سيد قد انصرفوا فاذا صفحت عني فاني لعمر الله لا أخطئ فيما بعد، حينئذ قال يسوع: تبارك الله، اذهبي في طريقك بسلام ولا تخطيء فيما بعد لأن الله لم يرسلني لأدينك، حينئذ اجتمع الكتبة والفريسيون فقال لهم يسوع: قولوا لي لو كان لأحدكم مئة خروف وأضاع واحدا منها الا ينشده تاركا التسعة والتسعين؟، ومتى وجدته ألا تضعه على منكبيك، وبعد ان تدعو الجيران تقول لهم: (افرحوا معي لأني وجدت الخروف الذي فقدته)، حقا انك تفعل هكذا، ألا قولوا لي أيحب الله الانسان أقل من ذلك وهو لاجله قد خلق العالم؟، لعمر الله هكذا يكون فرح في حضرة ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب لأن الخطأة يظهرون رحمة الله.

الفصل الثاني بعد المئتين

     قولوا لي من هو أشد حبا للطبيب أألذين لم يمرضوا مطلقا أم الذين شفاهم الطبيب من أمراض خطرة؟، قال له الفريسيون: وكيف يحب الصحيح الطبيب؟ حقا إنما يحبه لأنه ليس بمريض ولما لم تكن له معرفة بالمرض لا يحب الطبيب الا قليلا، حينئذ تكلم يسوع بحدة الروح قائلا: لعمر الله أن لسانكم يدين كبرياءكم، لأن الخاطئ التائب يحب إلهنا أكثر من البار لأنه يعرف رحمة الله العظيمة له، لأنه ليس للبار معرفة برحمة الله، لذلك يكون الفرح عند ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين بارا، أين الأبرار في زمننا؟، لعمر الله الذي تقف نفسي بحضرته ان عدد الأبرار غير الأبرار لعظيم، لأن حالهم شبيهة بحال الشيطان، أجاب الكتبة والفريسيون: اننا خطأة لذلك يرحمنا الله، وهم إنما قالوا هذه ليجربوه، لأن الكتبة والفريسيون يحسبون أكبر اهانة أن يدعوا خطأة، فقال حينئذ يسوع: اني أخشى أن تكونوا أبرارا غير أبرار، فانكم اذا كنتم قد أخطأتم وتنكرون خطيئتكم داعين أنفسكم أبرارا فأنتم غير أبرار، واذا كنتم تحسبون أنفسكم في قلوبكم أبرارا وتقولون بلسانكم انكم خطأة فتكونون اذا أبرارا غير أبرار مرتين، فلما سمع الكتبة والفريسيون هذا تحيروا وانصرفوا تاركين يسوع وتلاميذه في سلام فذهبوا الى بيت سمعان الابرص الذي كان أبرأه من البرص، فجمع الاهلون المرضى الى بيت سمعان وضرعوا الى يسوع لابراء المرضى، حينئذ قال يسوع وهو عالم ان ساعته قد اقتربت: ادعوا المرضى ما بلغوا لأن الله رحيم وقادر على شفائهم، أجابوا: لا نعلم انه يوجد مرضى آخرون هنا في اورشليم، أجاب يسوع باكيا: يا اورشليم يا اسرائيل اني أبكي عليك لأنك لا تعرفين (يوم) حسابك، فاني أحببت أن أضمك الى محبة الله خالقك كما تضم الدجاجة فراخها تحت جناحيها فلم تريدي، لذلك يقول الله لك هكذا.
            
الفصل الثالث بعد المئتين

     ( أيتها المدينة القاسية القلب المرتكسة العقل لقد أرسلت اليك عبدي لكي يحولك الى قلبك فتتوبين، ولكنك يا مدينة البلبلة قد نسيت كل ما أنزلت بمصر وبفرعون حبا فيك يا اسرائيل، ستبكين مرارا عديدة ليبرئ عبدي جسمك من المرض وأنت تطلبين أن تقتلي عبدي لأنه يطلب أن يشفي نفسك من الخطيئة، أتبقين اذا وحدك دون عقوبة مني؟، أتعيشين اذا الى الابد، أو ينقذك كبرياؤك من يدي؟، لا البتة، لاني سأحمل عليك بأمراء وجيش، فيحيطون بك بقوة، وسأسلمك الى أيديهم على كيفية تهبط بها        كبرياؤك الى الجحيم، لا أصفح عن الشيوخ ولا الأرامل، لا اصفح عن الاطفال، بل اسلمكم جميعا للجوع والسيف والسخرية، والهيكل الذي كنت أنظر اليه برحمة اياه أدمر مع المدينة، حتى تصيروا رواية وسخرية ومثلا بين الامم، وهكذا يحل غضبي عليك وحنقي لا يهجع).
                 
الفصل الرابع بعد المئتين

     وبعد ان قال يسوع هذا عاد فقال: ألا تعلمون انه يوجد مرضى آخرون؟، لعمر الله ان أصحاء النفس في اورشليم لأقل من مرضى الجسد، ولكي تعرفوا الحق أقول لكم: أيها المرضى لينصرف باسم الله مرضكم عنكم، ولما قال هذا شفوا حالا، وبكى القوم لما سمعوا عن غضب الله على اورشليم وضرعوا لأجل الرحمة، فقال حينئذ يسوع: يقول الله  ( اذا بكت اورشليم على خطاياها وجاهدت نفسها سائرة في طريقي فلا أذكر آثامها فيما بعد ولا ألحق بها شيئا من البلية التي ذكرتها، ولكن اورشليم تبكي على دمارها لا على اهانتها لي التي بها جدفت على اسمي بين الامم، لذلك زاد حنقي احتداما، لعمري أنا الابدي لو صلى لأجل هذا الشعب أيوب ابراهيم وصموئيل وداود ودانيال وموسى عبيدي لا يسكن غضبي على اورشليم)، وبعد ان قال يسوع هذا دخل البيت وظل كل أحد خائفا.
          
الفصل الخامس بعد المئتين

     وبينما كان يسوع على العشاء مع تلاميذه في بيت سمعان الأبرص اذا بمريم أخت لعازر قد دخلت البيت، ثم كسرت اناءا وسكبت الطيب على رأس يسوع وثوبه، فلما رأى هذا يهوذا الخائن أراد أن يمنع مريم من القيام بعمل كهذا قائلا: اذهبي وبيعي الطيب واحضري النقود لكي اعطيها للفقراء، قال يسوع: لماذا تمنعها؟ دعها فان الفقراء معكم دائما أما أنا فلست معكم دائما، أجاب يهوذا: يا معلم كان يمكن أن يباع هذا الطيب بثلاث مئة قطعة من النقود، فانظر اذا كم فقير يمكن مساعدته به، أجاب يسوع: يا يهوذا اني لعارف قلبك فاصبر اعطك الكل، فأكل كل أحد بخوف، وحزن التلاميذ لأنهم عرفوا أن يسوع سينصرف عنهم قريبا، ولكن يهوذا حنق لأنه علم أنه خاسر ثلاثين قطعة من النقود لأجل الطيب الذي لم يبع، لأنه كان يختلس العشر من كل ما كان يعطى ليسوع، فذهب ليرى رئيس الكهنة الذي كان مجتمعا في مجلس مشورة من الكهنة والكتبة والفريسيين ، فكلمهم يهوذا قائلا: ماذا تعطوني وأنا اسلم الى أيديكم يسوع الذي يريد أن يجعل نفسه ملكا على اسرائيل؟،أجابوا: ألا كيف تسلمه الى يدنا، أجاب يهوذا: متى علمت انه يذهب الى خارج المدينة ليصلي اخبركم وأدلكم على الموضع الذي يوجد فيه، لأنه لا يمكن القبض عليه في المدينة بدون فتنة، أجاب رئيس الكهنة: اذا سلمته ليدنا نعطيك ثلاثين قطعة من الذهب وسترى كيف اعاملك بالحسنى.
         
الفصل السادس بعد المئتين

     ولما جاء النهار صعد يسوع إلى الهيكل مع جم غفير من الشعب ، فاقترب منه رئيس الكهنة قائلا: قال لي يا يسوع أنسيت  كل ما كنت قد اعترفت به من انك لست الله ولا ابن الله ولا مسيا؟، أجاب يسوع: لا البتة لم أنس، لأن هذا هو الاعتراف الذي أشهد به أمام كرسي دينونة الله يوم الدينونة، لأن كل ما كتب في كتاب موسى صحيح كل الصحة فان الله خالقنا أحد وأنا عبد الله وأرغب في خدمة رسول الله الذي تسمونه مسيا، قال رئيس الكهنة: فما المراد اذا من المجيء إلى الهيكل بهذا الجم الغفير؟، لعلك تريد أن تجعل نفسك ملكا على اسرائيل؟، احذر من أن يحل بك خطر، أجاب يسوع: لو طلبت مجدي ورغبت نصيبي في العالم لما هربت لما أراد أهل نايين أن يجعلوني ملكا، حقا صدقني اني لست أطلب شيئا في هذا العالم، حينئذ قال رئيس الكهنة: نحب أن نعرف شيئا عن مسيا، حينئذ اجتمع الكهنة والكتبة والفريسيون نطاقا حول يسوع، أجاب يسوع: ما هو ذلك الشيء الذي تريدون أن تعرفوه عن مسيا؟ لعله الكذب؟، حقا اني لا أقول لك الكذب، لأني لو كنت قلت الكذبة لعبدتني أنت والكتبة والفريسيون مع كل اسرائيل، ولكن تبغضونني وتطلبون أن تقتلوني لأني أقول لكم الحق، قال رئيس الكهنة: نعلم الآن ان وراء ظهرك شيطانا، لأنك سامري ولا تحترم كاهن الله.

الفصل السابع بعد المئتين

     أجاب يسوع : لعمر الله ليس وراء ظهري شيطان ولكن أطلب أن أخرج الشيطان، فلهذا السبب يثير الشيطان عليّ العالم، لأني لست من هذا العالم، بل أطلب أن يمجد الله الذي أرسلني الى العالم، فاصيخوا السمع لي أخبركم بمن وراء ظهره الشيطان، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته أن من يعمل بحسب ارادة الشيطان فالشيطان وراء ظهره وقد وضع عليه لجام ارادته ويديره أنى شاء حاملا اياه على الاسراع الى كل اثم، كما ان اسم الثوب يختلف باختلاف صاحبه وهو هو الثوب نفسه هكذا البشر يختلفون على كونهم من مادة واحدة بسبب أعمال الذي يعمل في الانسان، اذا كنت قد أخطأت (كما أعلم ذلك) فلماذا لم توبخونى كأخ بدلا من أن تبغضونى كعدو؟، حقا ان اعضاء الجسد تتعاون متى كانت متحدة بالرأس وان ما انفصل منها عن الرأس فلا يغيثه، لأن يدي الجسد لا تشعران بألم رجلي جسد آخر بل برجلي الجسد الذي هي متحدة به، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته ان من يخاف ويحب الله خالقه يرحم من يرحمه الله الذي هو رأسه، ولما كان الله لا يريد موت الخاطئ بل يمهل كل أحد للتوبة فلو كنتم من ذلك الجسد الذي أنا متحد فيه لكنتم لعمر الله تساعدونني لأعمل بحسب (مشيئة) رأسي.
              
 
الفصل الثامن بعد المئتين

     اذا كنت أفعل الاثم وبخوني يحببكم الله لأنكم تكونون عاملين بحسب ارادته، ولكن اذا لم يقدر أحد أن يوبخني على خطيئة فذلك دليل على انكم لستم أبناء ابراهيم كما تدعون أنفسكم، ولا أنتم متحدون بذلك الرأس الذي كان ابراهيم متحدا به، لعمر الله ان ابراهيم أحب الله بحيث انه لم يكتف بتحطيم الاصنام الباطلة تحطيما ولا بهجر أبيه وامه ولكنه كان يريد أن يذبح ابنه طاعة لله، أجاب رئيس الكهنة : إنما أسألك هذا ولا أطلب قتلك فقل لنا من كان ابن ابراهيم هذا؟، أجاب يسوع: ان غيرة شرفك يا الله تؤججني ولا أقدر أن اسكت، الحق أقول ان ابن ابراهيم هو اسماعيل الذي يجب أن يأتي من سلالته مسيا الموعود به ابراهيم أن به تتبارك كل قبائل الأرض، فلما سمع هذا رئيس الكهنة حنق وصرخ: لنرجم الفاجر لأنه اسماعيلي وقد جدف على موسى وعلى شريعة الله، فأخذ من ثم كل من الكتبة والفريسيين مع شيوخ الشعب حجارة ليرجموا يسوع فاختفى عن أعينهم وخرج من الهيكل، ثم انهم بسبب شدة رغبتهم في قتل يسوع أعماهم الحنق والبغضاء فضرب بعضهم بعضا حتى مات ألف رجل ودنسوا الهيكل المقدس، أما التلاميذ والمؤمنون الذين رأوا يسوع خارج من الهيكل (لأنه لم يكن محتجبا عنهم) فتبعوه الى بيت سمعان، فجاء من ثم نيقوديموس الى هناك وأشار على يسوع أن يخرج من اورشليم الى ما وراء جدول قدرون قائلا: يا سيد ان لي بستانا وبيتا وراء جدول قدرون، فأضرع اليك اذا ان تذهب الى هناك مع بعض تلاميذك، وأن تبقى هناك الى أن يزول حقد الكهنة، لأني أقدم لك كل ما يلزم، وأنتم يا جمهور التلاميذ امكثوا هنا في بيت سمعان وفي بيتي لأن الله يعول الجميع، ففعل يسوع هكذا ورغب في أن يكون معه الذين دعوا أولا رسلا فقط.
الفصل التاسع بعد المئتين

     وفي هذا الوقت بينما كانت العذراء مريم ام يسوع منتصبة في الصلاة زارها جبريل، وقص عليها اضطهاد ابنها قائلا: لا تخافي يا مريم لأن الله سيحميه من العالم، فانطلقت مريم من الناصرة باكية وجاءت الى اورشليم الى بيت مريم سالومة اختها تطلب ابنها، ولكن لما كان قد اعتزل سرا وراء جدول قدرون لم يعد في استطاعتها أن تراه أيضا في هذا العالم الا بعد ذلك العار اذ احضره اليها بأمر الله الملاك جبريل مع الملائكة ميخائيل ورفائيل وأوريل.

الفصل العاشر بعد المئتين

     ولما هدأ الاضطراب في الهيكل بانصراف يسوع صعد رئيس الكهنة، وبعد ان أومأ بيديه للصمت قال: ماذا نفعل أيها الاخوة؟ ألا ترون انه قد أضل العالم كله بعمله الشيطاني؟، فاذا لم يكن ساحرا فكيف اختفى الآن، فحقا انه لو كان طاهرا ونبيا لما جدف على الله وعلى موسى خادمه وعلى مسيا الذي هو أمل اسرائيل، وماذا أقول؟، فلقد جدف على طغمة كهنتنا برمتها، فالحق أقول لكم أنه اذا لم يزل من العالم تدنس اسرائيل ودفعنا الله الى الامم، انظروا الآن كيف قد تدنس هذا الهيكل المقدس بسببه، وتكلم رئيس الكهنة بطريقة أعرض لأجلها كثيرون عن يسوع، فتحول بذلك الاضطهاد السري الى اضطهاد علني، حتى ان رئيس الكهنة ذهب بنفسه الى هيرودس والى الوالي الروماني متهما يسوع بأنه رغب في أن يجعل نفسه ملكا على اسرائيل، وكان عندهم على هذا شهود زور، فالتأم من ثم مجلس عام ضد يسوع لأن أمر الرومانيين أخافهم، ذلك أن مجلس الشيوخ الروماني أرسل أمرين بشأن يسوع، يتوعد في أحدهما بالموت من يدعو يسوع الناصري نبي اليهود الله، ويتوعد في الآخر بالموت من يشاغب في شأن يسوع الناصري نبي اليهود، فلهذا السبب وقع الشقاق فيما بينهم، فرغب بعضهم في ان يعودوا فيكتبوا الى رومية يشكون يسوع، وقال أخرون انه يجب أن يتركوا يسوع وشأنه غاضين النظر عما قال كأنه معتوه، وأورد آخرون الآيات العظيمة التي فعلها، فأمر رئيس الكهنة بأن لا يتفوه أحد بكلمة دفاع عن يسوع الا كان تحت طائلة الحرم، ثم كلم هيرودس والوالي قائلا: كيفما كانت الحال فان بين أيدينا معضلة، لأننا اذا قتلنا هذا الخاطئ خالفنا أمر قيصر، وان تركناه حيا وجعل نفسه ملكا فكيف يكون المآل؟، فوقف حينئذ هيرودس وهدد الوالي قائلا: احذر من أن يكون عطفك على ذلك الرجل باعثا على ثورة هذه البلاد، لأني أتهمك بالعصيان أمام قيصر، حينئذ خاف الوالي مجلس الشيوخ وصالح هيرودس وكانا قبل هذا قد أبغض أحدهما الآخر الى الموت، واتحدا معا على اماتة يسوع وقالا لرئيس الكهنة: متى علمت أين الأثيم فارسل الينا نعطك جنودا، وقد عمل هذا لتتم نبوة داود الذي أنبأ بيسوع نبي اسرائيل قائلا: (اتحد امراء الارض وملوكها على قدوس اسرائيل لأنه نادى بخلاص العالم)، وعليه فقد حدث تفتيش عام في ذلك اليوم على يسوع في اورشليم كلها

الجزء العشرون



 
الفصل الحادي والتسعون بعد المئة

     حينئذ قال الكاتب: عفوا يا معلم لاني قد أخطأت، قال يسوع: الله يغفر لك لانك اليه قد أخطأت، فقال من ثم الكاتب: لقد رأيت كتيبا قديما مكتوبا بيد موسى ويشوع(الذي أوقف الشمس كما قد فعلت) خادمي ونبيي الله، وهو كتاب موسى الحقيقي، ففيه مكتوب أن اسماعيل هو أب لمسيا واسحق أب لرسول مسيا، وهكذا يقول الكتاب أن موسى قال: (أيها الرب إله إسرائيل القدير الرحيم أظهر لعبدك في سناء مجدك ) ، فأراه الله من ثم رسوله على ذراعي اسماعيل واسماعيل على ذراعي ابراهيم ، ووقف على مقربة من اسماعيل اسحق وكان على ذراعيه طفل يشير بأصبعه الى رسول الله قائلا: (هذا هو الذي لأجله خلق الله كل شيء)، فصرخ من ثم موسى بفرح: (يا اسماعيل ان في ذراعيك العالم كله والجنة، أذكرني أنا عبد الله لاجد نعمة في نظر الله بسبب ابنك الذي لأجله صنع الله كل شيء).

الفصل الثاني والتسعون بعد المئة

     لا يوجد في ذلك الكتاب أن الله يأكل لحم المواشي أو الغنم، لا يوجد في ذلك الكتاب ان الله قد حصر رحمته في اسرائيل فقط، بل أن الله يرحم كل انسان يطلب الله خالقه بالحق، لم أتمكن من قراءة هذا الكتاب كله لان رئيس الكهنة الذي كنت في مكتبته نهاني قائلا أن (اسماعيليا قد كتبه)، فقال حينئذ يسوع: أنظر أن لا تعود أبدا فتحجز الحق لانه بالايمان بمسيا سيعطي الله الخلاص للبشر ولن يخلص أحد بدونه، وأتم هنا يسوع حديثه     وبينماكانواعلى الطعام إذا بمريم التي بكت عند قدمي يسوع قد دخلت الى بيت نيقوديموس (هذا هو اسم الكتاب)، ووضعت نفسها باكية عند قدمي يسوع قائلة: ياسيد ان لخادمك الذي بسببك وجد رحمة من الله أختا وأخا منطرحا مريضا في خطر الموت، أجاب يسوع: أين بيتك، قولي لي لاني أجيء لاضرع الى الله لاجل صحته، أجابت مريم: بيت عنيا هو (بيت) أختي وأخي لان سكني أنا المجدل فأخي في بيت عنيا، قال يسوع للمرأة اذهبي توا الى بيت أخيك وانتظريني هناك لاني أجيء لاشفيه، ولا تخافي فانه لا يموت، فانصرفت المرأة ولما ذهبت الى بيت عنيا وجدت أخاها قد مات في ذلك اليوم، فوضعوه في ضريح آبائهم.
            
الفصل الثالث والتسعون بعد المئة

    ولبث يسوع يومين في بيت نيقوديموس، ومضى في اليوم الثالث الى بيت عنيا، ولما قرب من المدينة أرسل أمامه اثنين من تلاميذه ليخبروا مريم بقدومه، فخرجت مسرعة من المدينة، ولما وجدت يسوع قالت باكية: لقد قلت يا سيد أن أخي لا يموت وقد صار له الآن أربعة أيام وهو دفين، ياليتك جئت قبل أن أدعوك لانك لو فعلت لما مات، وأجاب يسوع: ان أخاك ليس بميت بل هو راقد لذلك جئت لا وقظه، أجابت مريم باكية: يا سيد انه يستيقظ من هذا الرقاد يوم الدينونة متى نفخ ملاك الله ببوقه، أجاب يسوع: صدقيني يا مريم انه سيقوم قبل ذلك اليوم لان الله قد أعطاني قوة على رقاده، والحق أقول لك انه ليس بميت فان الميت إنما هو من يموت دون أن يجد رحمة من الله فرجعت مريم مسرعة لتخبر أختها مرتا بمجيء يسوع، وكان قد اجتمع عند موت لعازر جم غفير من اليهود من اورشليم وكثيرون من الكتبة والفريسيين، فلم سمعت مرتا من أختها عن مجيء يسوع قامت على عجل وأسرعت الى الخارج، فتبعها جمهور من اليهود والكتبة والفريسيين ليعزّوها لانهم حسبوا انها ذاهبة الى القبر لتبكي أخاها، فلما بلغت مرتا المكان الذي كان قد كلم فيه يسوع مريم قالت باكية: يا سيد ليتك كنت هنا لانك لو كنت لم يمت أخي، ثم وصلت مريم باكية، فسكب من ثم يسوع العبرات وقال متنهدا: أين وضعتموه؟، أجابوا: تعال وانظر، فقال الفريسيون فيما بينهم: لماذا سمح هذا الرجل الذي أحيا ابن الارملة في نايين أن يموت هذا الرجل بعد أن قال انه لا يموت؟، ولما وصل يسوع القبر حيث كان كل أحد يبكي قال: لا تبكوا لان لعازر راقد وقد أتيت لا وقظه، فقال الفريسيون فيما بينهم: ليتك ترقد أنت هذا الرقاد!، حينئذ قال يسوع: ان ساعتي لما تأت، ولكن متى جاءت أرقد كذلك ثم أوقظ سريعا، ثم قال يسوع أيضا: ارفعوا الحجر عن القبر، قالت مرتا: يا سيد لقد أنتن لان له أربعة أيام وهو ميت، قال يسوع: اذا لماذا جئت الى هنا يا مرتا ألا تؤمنين بأني أوقظه؟، قالت مرتا: أعلم أنك قدوس الله الذي أرسلك الى هذا العالم، ثم رفع يسوع يديه الى السماء وقال: أيها الرب إله إبراهيم واسماعيل واسحق واله آبائنا أرحم مصاب هاتين المرأتين واعط مجدا لاسمك المقدس ، ولما أجاب كل واحد : آمين قال يسوع بصوت عال : لعازر هلم خارجا ، فقام على اثر ذلك الميت، وقال يسوع لتلاميذه: حلّوه، لانه كان مربوطا بثياب القبر مع منديل على وجهه كما اعتاد آباؤنا أن يدفنوا (موتاهم)، فآمن بيسوع جم غفير من اليهود وبعض الفريسيين لأن الآية كانت عظيمة، وانصرف الذين لبثوا بدون ايمان وذهبوا الى اورشليم وأخبروا رئيس الكهنة بقيامة لعازر وان كثيرين صاروا ناصريين، لأنهم هكذا كان يدعون الذين حملوا على التوبة بواسطة كلمة الله التي بشر بها يسوع.
          
 
الفصل الرابع والتسعون بعد المئة

     فتشاور الكتبة والفريسيون مع رئيس الكهنة ليقتلوا لعازر، لان كثيرين رفضوا تقاليدهم وآمنوا بكلمة يسوع لان آية لعازر كانت عظيمة اذ أن لعازر حدّث الشعب وأكل وشرب، ولكن لما كان قويا وله أتباع في اورشليم وممتلكا مع أختيه المجدل وبيت عنيا لم يعرفوا ماذا يفعلون، ودخل يسوع بيت لعازر في بيت عنيا فخدمته مرتا ومريم، وكانت مريم ذات يوم جالسة عند قدمي يسوع مصغية الى كلامه، فقالت مرثا ليسوع: ألا ترى يا سيد أن أختي لا تهتم بك ولا تحضر ما يجب أن تأكله أنت وتلاميذك؟، أجاب يسوع: مرثا مرثا تبصري في ما يجب أن تفعلي لأن مريم قد اختارت نصيبا لن ينزع منها الى الابد، وجلس يسوع على المائدة  مع  جم غفير من الذين آمنوا به، وتكلم قائلا: أيها الاخوة لم يبق لي معكم سوى هنيهة من الزمن لانه اقترب الزمن الذي يجب فيه أن أنصرف من العالم، لذلك أذكركم بكلام الله الذي كلم به حزقيال النبي قائلا: (لعمري أنا إلهكم الأبدي أن النفس التي تخطئ تموت ولكن اذا تاب الخاطئ لا يموت بل يحيا)، وعليه فإن الموت الحاضر ليس بموت بل نهاية موت طويل، كما أن الجسد متى انفصل عن الحس في غيبوبة فليس له ميزة على الميت والمدفون ـ وان كانت فيه النفس ـ سوى أن المدفون ينتظر الله ليقيمه والفاقد الشعور ينتظر عود الحس، فانظروا اذا الحياة الحاضرة التي هي موت اذ لا شعور لها بالله.
       
 
الفصل الخامس والتسعون بعد المئة

     من يؤمن بي لا يموت أبديا، لانهم بواسطة كلمتي يعرفون الله فيهم ولذلك يتممون خلاصهم، ما الموت سوى عمل تعمله الطبيعة بأمر الله كما لو كان أحد ممسكا عصفورا مربوطا وأمسك الخيط في يده، فاذا أراد الرأس انفلات العصفور فماذا يفعل؟، من المؤكد أنه بالطبع يأمر اليد بالانفتاح فينفلت العصفور توا، أن نفسنا ما لبث الانسان تحت حماية الله هي ـ كما يقول النبي داود ـ (كعصفور أفلت من شرك الصياد)، وحياتنا كخيط تربط فيه النفس الى جسد الإنسان وحسه، فمتى أراد الله وأمر الطبيعة أن تنفتح انتهت الحياة وانفلتت النفس الى أيدي الملائكة الذين عينهم الله لقبض النفوس، لذلك لا يجب على الاصدقاء أن يبكوا متى مات صديق لإن إلهنا أراد ذلك ، بل ليبك بدون انقطاع متى أخطأ لان النفس تموت اذ تنفصل عن الله ( وهو ) الحياة الحقيقية، فإذا كان الجسد بدون اتحاده مع النفس مخيفا فإن النفس تكون أشد هولا بدون اتحادها مع الله الذي يجملها ويحييها بنعمته ورحمته، ولما قال يسوع هذا شكر الله، فقال حينئذ لعازر: يا سيد هذا البيت لله خالقي مع كل ما أعطي لعهدتي لاجل خدمة الفقراء، فاذا كنت فقيرا وكان لك عدد كثير من التلاميذ تعال واسكن هنا متى شئت وما شئت، فان خادم الله يخدمك كما يجب حبا في الله.
        
الفصل السادس والتسعون بعد المئة

     لما سمع يسوع هذا سُرّ وقال: انظروا الآن ما أطيب الموت، ان لعازر مات مرة فقط وقد تعلم تعليما لا يعرفه أحكم البشر في العالم الذي شاخوا بين الكتب، يا ليت كل انسان يموت مرة فقط ويعود للعالم مثل لعازر ليتعلموا كيف يحيون، أجاب يوحنا: يا معلم أيؤذن لي أن أتكلم كلمة؟، أجاب يسوع: قل الفا لانه كما يجب على الانسان أن يصرف أمواله في خدمة الله هكذا يجب عليه أن يصرف التعليم، بل يكون هذا أشد وجوبا عليه لان للكلمة قوة على أن تحمل نفسا على التوبة على حين أن الاموال لا تقدم أن ترد الحياة للميت، وعليه فان من له قدرة على مساعدة فقير ثم لم يساعده حتى مات الفقير جوعا فهو قاتل، ولكن القاتل الاكبر هو من يقدر بكلمة الله تحويل الخاطئ للتوبة ولم يحوله بل يقف كما يقول الله ككلب أبكم، ففي مثل هؤلاء يقول الله: ( أيها العبد الخائن منك أطلب نفس الخاطئ الذي يهلك لانك كتمت كلمتي عنه)، فعلى أية حال اذا يكون الكتبة والفريسيون الذين معهم المفتاح ولا يدخلون بل يمنعون الذين يريدون الدخول في الحياة الابدية؟، تستأذنِّي يا يوحنا أن تتكلم كلمة وأنت قد أصغيت الى مئة ألف كلمة من كلامي، الحق أقول لك أنه يجب عليّ أن أصغي لك عشرة أضعاف ما أصغيت إلىَّ، وكل من لا يصغي الى غيره فهو يخطئ كلما تكلم، لانه يجب أن نعامل الآخرين بما نرغب فيه لانفسنا وأن لا نعمل للآخرين مالا نود وصوله الينا، حينئذ قال يوحنا: يا معلم لماذا لم ينعم الله على الناس بأن يموتوا مرة ثم يرجعوا كما فعل لعازر ليتعلموا أن يعرفوا أنفسهم وخالقهم؟ 

الفصل السابع والتسعون بعد المئة

     أجاب يسوع : ما قولك يا يوحنا في رب بيت أعطى أحد خدمه فأسا صحيحة ليقطع غابة حجبت منظر بيته ، ولكن الفاعل نسي الفأس وقال : ( لو أعطاني السيد فأسا قديمة لقطعت الغابة بسهولة)، قل لي يا يوحنا ماذا قال السيد؟، حقا انه حنق وأخذ الفأس القديمة وضربه على الرأس قائلا: ( أيها الغبي الخبيث لقد أعطيتك فأسا تقطع بها الغابة بدون كد، أفتطلب الان هذا الفأس التي يضطر معها المرء الى كد عظيم وكل ما يقطع (بها) يذهب سدى ولا ينفع لشيء؟، اني اريد أن تقطع الخشب على طريقة يكون معها عملك حسنا)، أليس هذا بصحيح؟، أجاب يوحنا: انه لصحيح كل الصحة حينئذ قال يسوع: يقول الله (لعمري أنا الابدي اني أعطيت فأسا جيد لكل انسان وهي منظر دفن الميت، فمن استعمل هذه الفأس جيدا أزالوا غابة الخطيئة من قلوبهم بدون ألم، فهم لذلك ينالون نعمتي ورحمتي وأجزيهم الحياة الابدية بأعمالهم الصالحة، ولكن من ينسى انه فان مع انه يرى المرة بعد المرة غيره يموت فيقول: (لو اتيح لي رؤية الحياة الاخرى لعملت اعمال صالحة) فان غضبي يحل عليه ولأضربنه بالموت حتى لا ينال خيرا فيما بعد)، ثم قال يسوع: يا يوحنا ما أعظم مزية من يتعلم من سقوط الآخرين كيف يقف على رجليه.
   
الفصل الثامن والتسعون بعد المئة

     حينئذ قال لعازر: يا معلم الحق أقول لك اني لا اقدر أن ادرك العقوبة التي يستحقها من يرى المرة بعد المرة الموتى تحمل الى القبر ولا يخاف الله خالقنا، فان مثل هذا لأجل الأشياء العالمية التي يجب عليه تركها بالمرة يغضب خالقه الذي منحه كل شيء، فقال حينئذ يسوع لتلاميذه: تدعونني معلما وتعملون حسنا لأن الله يعلمكم بلساني، ولكن كيف تدعون لعازر؟، حقا انه هنا لمعلم كل المعلمين الذين يبثون تعليما في هذا العالم، نعم انني علمتكم كيف يجب أن تعيشوا حسنا، وأما لعازر فيعلمكم كيف تموتون حسنا، لعمر الله انه نال موهبة النبوة فاصغوا اذا لكلامه الذي هو حق ويجب أن تكونوا أشد اصغاء اليه بالاحرى لأن المعيشة الجيدة عبث اذا مات الانسان ميتة رديئة، قال لعازر: يا معلم اشكر لك انك تجعل الحق يقدر قدره لذلك يعطيك الله أجرا عظيما، حينئذ قال الذي يكتب هذا: يا معلم كيف يقول لعازر الحق بقوله لك (ستنال اجرا) مع انك قلت لنيقوديموس ان الانسان لا يستحق شيئا سوى العقوبة؟، أفيقاصك الله اذا؟، أجاب يسوع: عساني أن أنال من الله قصاصا في هذا العالم لأني لم أخدمه باخلاص كما كان يجب علي أن أفعل، ولكن الله أحبني برحمته حتى أن كل عقوبة رفعت عني بحيث اني اعذب في شخص آخر، فاني كنت أهلا للقصاص لأن البشر دعوني إلها، ولكن لما كنت قد اعترفت لا بأني لست إلها فقط كما هو الحق بل قد اعترفت أيضا اني لست مسيا فقد رفع الله لذلك العقوبة عني، وسيجعل شريرا يكابدها باسمي حتى لا يبقى منها لي سوى العار، لذلك أقول لك يا برناباى انه متى تكلم انسان عما سيهبه الله لقريبه فليقل ان قريبه يستأهله، ولكن لينظر متى تكلم عما سيعطيه الله اياه أن يقول: ان الله سيهب لي، ولينظر جيدا أن لا يقول(اني استأهل)، لأن الله يسر أن يمنح رحمته لعبيده متى اعترفوا انهم يستأهلون الجحيم لأجل خطاياهم.

الفصل التاسع والتسعون بعد المئة

     ان الله لغني برحمته حتى ان دمعة واحدة ممن ينوح لاغضابه الله تطفئ الجحيم كله بالرحمة العظيمة التي يمده الله بها على ان مياه ألف بحر ـ لو وجدت ـ لا تكفي لاطفاء شرارة من لهيب الجحيم، فلذلك يريد الله خذلا للشيطان واظهارا لجوده هو أن يحسب في حضرة رحمة كل عمل صالح اجرا لعبده المخلص، ويحب منه أن يقول عن قريبه هكذا، أما الانسان في خاصة نفسه فعليه أن يحذر من قول (لي أجر) لأنه يدان.

الفصل المئتان

     حينئذ التفت يسوع الى لعازر وقال: يجب علي أيها الاخ أن أمكث في العالم هنيهة، فمتى كنت على مقربة من بيتك لا أذهب الى محل آخر قط لأنك تخدمني لا حبا فيّ بل حبا في الله، وكان فصح اليهود قريبا لذلك قال يسوع لتلاميذه: لنذهب الى اورشليم لنأكل حمل الفصح، وارسل بطرس ويوحنا الى المدينة قائلا: تجدان أتانا بجانب باب المدينة مع جحش، فحلاها واءتيا بها الى هنا لأنه يجب أن أركبها الى اورشليم، فاذا سألكما أحد قائلا: (لماذا تحملانها؟) فقولا لهم: المعلم محتاج اليها، فيسمحان لكما باحضارها، فذهب التلميذان فوجدا كل ما قال لهما يسوع عنه، فأحضرا الاتان والجحش، فوضع التلميذان ردائيهما على الجحش وركب يسوع، وحدث انه لما سمع أهل اورشليم أن يسوع الناصري آت فرح الناس مع أطفالهم متشوقين لرؤية يسوع حاملين في أيديهم أغصان النخل والزيتون مرنمين (تبارك الآتي النبأ باسم الله مرحبا بابن داود، فلما بلغ يسوع المدينة فرش الناس ثيابهم تحت أرجل الاتان مرنمين: (تبارك الآتي النبأ باسم الرب الإله مرحبا بابن داود؟، فوبخ الفريسيون يسوع قائلين: ألا ترى ما يقول هؤلاء؟ مُرهم أن يسكتوا، حينئذ قال يسوع: لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته لو سكت هؤلاء لصرخت الحجارة بكفر الأشرار الأردياء، ولما قال يسوع هذا صرخت حجارة اورشليم كلها بصوت عظيم: تبارك الآتي الينا باسم الرب الإله ، ومع ذلك أصر الفريسيون على عدم ايمانهم، وبعد ان التأموا ائتمروا ليتسقطوه بكلامه
ارحب بالجميع فط راسلنى على البريد التالي :
nooral7q@gmail.com