بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 أبريل 2012

الجزء الثاني عشر




الفصل الحادي عشر بعد المئة

     ولكن احذروا من الشيطان أن يوجه كل قوته لان تسهروا في أثناء الليل ثم تناموا بعد ذلك على حين يجب عليكم بوصية الله أن تصلوا وتصغوا الى كلمة الله، قولوا لي أترضون أن يأكل أحد أصدقائكم اللحم ويعطيكم العظام؟، أجاب بطرس: لا يا معلم لان مثل هذا لا يجب أن يسمى صديقا بل مستهزئا، فأجاب يسوع بتنهد: انك لقد نطقت بالحق يا بطرس لان من يسهر بالجسد أكثر مما يلزم وهو نائم أو مثقل رأسه بالنعاس على حين يجب عليه أن يصلي أو يصغي الى كلام الله فمثل هذا التعيس حقا يستهزئ بالله خالقه ويكون مرتكبا هذه الخطيئة، وعلاوة على ذلك فهو لص لأنه يسرق الوقت الذي يجب أن يعطيه لله ويصرفه عندما وبقدر ما يريد، كان رجل يسقي أعداءه من اناء فيه أطيب خمرة اذ كانت الخمر على أجودها ثم لما صارت الخمر حثالة سقى سيده، فماذا تظنون السيد يفعل بعبده عندما يعرف كل شيء والعبد أمامه؟، حقا انه ليضربه ويقتله بغيظ عادل جريا على شرائع العالم، فماذا يفعل الله اذا بالرجل الذي يصرف وقته في المشاغل وأردأه في الصلاة ومطالعة الشريعة؟، ويل للعالم لان قلبه مثقل بهذه الخطيئة وبما هو أعظم منها!، لذلك لما قلت لكم أنه يجب أن ينقلب الضحك بكاءا والولائم صوما والرقاد سهرا جمعت في كلمات ثلاث كل ما قد سمعتموه، هو أنه يجب على المرء هنا على الارض أن يبكي دوما وان البكاء يجب أن يكون من القلب لان الله تعالى خالقنا مستاء، وانه يجب عليكم أن تصوموا لكي تكون لكم سلطة على الحس، وأن تسهروا لكي لا
 تخطئوا، وان البكاء الجسدي والصوم والسهر الجسديان يجب أن يكنّ بحسب بنية الافراد.

الفصل الثاني عشر بعد المئة

     وبعد أن قال يسوع هذا قال: يجب عليكم أن تطلبوا ثمار الحقل التي بها قوام حياتنا منذ ثمانية أيام لم نأكل خبزا، فلذلك أصلي إلى إلهنا وانتظركم مع برنابا ، فانصرف التلاميذ والرسل كلهم أربعة أربعة وستة ستة وانطلقوا في الطريق حسب كلمة يسوع، وبقي مع يسوع الذي يكتب، فقال يسوع باكيا: يا برنابا يجب أن أكاشفك بأسرار عظيمة يجب عليك مكاشفة العالم بها بعد انصرافي منه، فأجاب الكاتب باكيا وقال: اسمح لي بالبكاء يا معلم ولغيري أيضا لاننا خطاة، وأنت يا من هو طاهر ونبي الله لا يحسن بك أن تكثر من البكاء، أجاب يسوع: صدقني يا برنابا انني لا أقدر أن أبكي قدر ما يجب علي ، لأنه لو لم يدعني الناس إلها لكنت عاينت هنا الله كما يعاين في الجنة ولكنت أمنت خشية يوم الدين، بيد أن الله يعلم أني بريء لأنه لم يخطر لي في بال ان أحسب أكثر من عبد فقير، بل أقول لك أنني لو لم أدع إلها لكنت حملت الى الجنة عندما انصرف من العالم أما الآن فلا أذهب الى هناك حتى الدينونة، فترى اذا اذا كان يحق لي البكاء، فاعلم يا برنابا أنه لاجل هذا يجب علي التحفظ وسيبيعني أحد تلاميذي بثلاثين قطعة من نقود، وعليه فاني على يقين من أن من يبيعني يقتل باسمي، لان الله سيصعدني من الارض وسيغير منظر الخائن حتى يظنه كل أحد اياي، ومع ذلك فانه لما يموت شر ميتة أمكث في ذلك العار زمنا طويلا في العالم، ولكن متى جاء محمد رسول الله المقدس تزال عني هذه الوصمة، وسيفعل الله هذا لأني اعترفت بحقيقة مسيا الذي سيعطيني هذا الجزاء أي أن أعرف اني حي واني بريء من وصمة تلك الميتة، فأجاب من يكتب: يا معلم قل لي من هو ذلك التعيس لأني وددت لو اميته خنقا، أجاب يسوع: صه، فان الله هكذا يريد فهو لا يقدر أن يفعل(( يمكن أن يحدث)) غير ذلك، ولكن متى حلت هذه النازلة بأمي فقل لها الحق لكي تتعزى، حينئذ أجاب من يكتب: اني لفاعل ذلك يا معلم ان شاء الله.

الفصل الثالث عشر بعد المئة

     ولما جاء التلاميذ احضروا حق صنوبر ووجدوا باذن الله مقدارا ليس بقليل من الرطب، وبعد صلاة الظهر أكلوا مع يسوع، فلما رأى من ثم الرسل والتلاميذ من يكتب كالح الوجه خشوا أن يكون قد وجب على يسوع الانصراف من العالم سريعا، فعزاهم من ثم يسوع قائلا: لا تخافوا لأن ساعتي لم تحن حتى الآن لكي أنصرف عنكم فسأمكث معكم زمنا يسيرا بعد، فلذلك يجب أن اعلمكم الآن كما قد قلت وسط كل بني اسرائيل لتبشروا بالتوبة ليرحم الله خطيئة اسرائيل،  وليحذر كل أحد الكسل وخصوصا من يستعمل العقوبة البدنية، لأن كل شجرة لا تثمر ثمرا صالحا تقطع وتلقى في النار، وكان لأحد الأهالي كرم في وسطه بستان فيه شجرة تين، ولما لم يجد فيها صاحبها ثمرا عندما كان يجئ مدة ثلاث سنين ولما كان يرى ان كل شجرة اخرى أثمرت قال لكرامه: (اقطع هذه الشجرة الرديئة لأنها تثقل على الارض)، فأجاب الكرام: ( ليس كذلك يا سيدي لأنها شجرة جميلة)، فقال له صاحب الارض: (صه فانه لا يهمني الجمال بغير جدوى، وأنت يجب أن تعرف أن النخيل والبلسان هما أجمل من التينة، ولكني غرست سابقا في صحن داري فسيلا من النخل ومن البلسان وأحطتهما بجدران نفيسة ولكنهما لما لم يحملان ثمرا بل أوراقا تراكمت وأفسدت الارض امام الدار أمرت بنقلهما كليهما، أفأعفوا اذا عن شجرة تين بعيدة عن الدار تثقل على بستاني وعلى كرمي حيث كل شجرة اخرى تحمل ثمرا؟ انني لا احتملهما فيما بعد)، فقال حينئذ الكرام: ( يا سيد ان التربة لمخصبة جدا فانتظر اذا سنة اخرى، فاني اشذب اغصان شجرة التين وازيل عنها التربة المسمدة وأضع تربة فقيرة وحجارة فتثمر)، أجاب صاحب الارض: (فاذهب اذا وافعل هكذا فاني منتظر وستحمل التينة ثمرا) أفهمتم هذا المثل؟، أجاب التلاميذ: كلا يا سيد ففسره لنا.
                     
الفصل الرابع عشر بعد المئة

     أجاب يسوع: الحق أقول لكم ان صاحب الملك هو الله والكرام شريعه، فكان عند الله اذا في الجنة النخل والبلسان لأن الشيطان هو النخل والانسان الاول هو البلسان، فطردهما كليهما لأنهما لم يحملا ثمرا من الاعمال الصالحة بل فاها بألفاظ غير صالحة كانت قضاء على ملائكة وأناس كثيرون، ولما كان الله قد وضع الانسان في وسط خلائقه التي تعبده كلها بحسب أمره فاذا كان كما قلت لا يحمل ثمرا فان الله يقطعه ويدفعه الى الجحيم، لأنه لم يعف عن الملاك والانسان الاول فنكل بالملاك تنكيلا أبديا وبالانسان الى حين، فتقول من ثم شريعة الله ان للانسان طيبات أكثر مما يجب في هذه الحياة، فوجب عليه اذا أن يحتمل الضيق ويحرم من الطيبات العالمية ليعمل أعمالا صالحة، وعليه فان الله يمهل الانسان ليتوب، الحق أقول لكم إن إلهنا قضى على الانسان بالعمل للغرض الذي قاله أيوب خليل الله ونبيه : (كما إن الطير مولودة للطيران والسمك للسباحة هكذا الانسان مولود للعمل)، وهكذا يقول أيضا داود أبونا نبي الله: (لأننا اذا أكلنا تعب أيدينا نبارك ويكون خير لنا)، لذلك يجب على كل أحد أن يعمل بحسب صفته، الا فقولوا لي اذا كان أبونا داود وابنه سليمان اشتغلا بأيديهما فماذا يجب على الخاطئ أن يفعل؟، فقال يوحنا: يعلم ان العمل شيء حسن ولكن يجب على الفقراء أن يقوموا به، فأجاب يسوع: نعم لأنهم لا يقدرون أن يفعلوا غير ذلك، ولكن ألا تعلم أنه يجب على الصالح ليكون صالحا أن يكون مجردا عن الضرورة، فالشمس والسيارات الاخرى تتقوى بأوامر الله حتى انها لا تقدر أن تفعل غير ذلك فليس لهن فضل، قولوا لي أقال الله عندما أمر بالعمل: ((يعيش الفقير من عرق وجهه؟))، أو قال أيوب: (كما ان الطير مولودة للطيران هكذا الفقير مولود للعمل؟)، بل قال الله للانسان : (بعرق وجهك تأكل خبزك)، وقال أيوب:  (الانسان مولود للعمل)، وعليه فان من ليس بانسان معفى من هذا الامر، حقا انه لا سبب لغلاء الاشياء سوى انه يوجد جمهور غفير من الكسالى، فلو اشتغل هؤلاء وعمل بعضهم في الارض وآخرون في صيد الاسماك في الماء لكان العالم في أعظم سعة، ويجب أن يؤدي الحساب على هذا النقص في يوم الدين الرهيب.

الفصل الخامس عشر بعد المئة

     ليقل لي الانسان بماذا أتى الى العالم الذي بسببه يعيش بالكسل، فمن المؤكد انه ولد عريانا وغير قادر على شيء فهو ليس صاحب كل ما يجد بل المتصرف به، وعليه أن يقدم حسابا عنه في ذلك اليوم الرهيب، ويجب أن يخشى كثيرا من الشهوة الممقوتة التي تصير الانسان شبيها بالحيوانات غير الناطقة، لأن عدو المرء من أهل بيته حتى انه لا يمكن الذهاب الى محل ما لا يطرقه العدو، وما أكثر الذين هلكوا بسبب الشهوة، فبسبب الشهوة أتى الطوفان حتى ان العالم هلك أمام رحمة الله ولم ينج الا نوح وثلاثة وثمانون شخصا بشريا فقط، وبسبب الشهوة أهلك الله ثلاث مدن شريرة لم ينج منها سوى لوط وولديه، بسبب الشهوة كاد سبط بنيامين يفنى، واني أقول لكم الحق اني لو عددت لكم الذين هلكوا بسبب الشهوة لما كفتني مدة خمسة أيام، أجاب يعقوب: يا سيد ما معنى الشهوة؟، فأجاب يسوع: ان الشهوة هي عشق غير مكبوح الجماح اذا لم يرشده العقل تجاوز حدود البصيرة والعواطف، حتى ان الانسان لما لم يكن يعرف نفسه أحب ما يجب عليه بغضه، صدقوني متى أحب الانسان شيئا لا من حيث ان الله أعطاه هذا الشيء فهو زان، لأنه جعل النفس متحدة بالمخلوق وهي التي يجب أن تبقى متحدة بالله خالقها، ولهذا قال الله نادبا على لسان أشعيا النبي:  (انك قد زنيت بعشاق كثيرين لكن ارجعي الي أقبلك)، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته لو لم تكن في قلب الانسان شهوة داخلية لما سقط في الخارجية لأنه اذا اقتلع الجذر ماتت الشجرة سريعا ، فليقنع الرجل اذا بالمرأة التي أعطاها اياها خالقه ولينس كل امرأة اخرى، أجاب اندراوس: كيف ينسى الانسان النساء اذا عاش في المدينة حيث يوجد كثيرات منهن فيها؟، أجاب يسوع: يا اندراوس حقا ان السكنى في المدينة تضر لأن المدينة كالاسفنجة تمتص كل اثم.
                 
 
الفصل السادس عشر بعد المئة

     يجب على الانسان أن يعيش في المدينة كما يعيش الجندي اذا كان حوله أعداء يحيطون بالحصن دافعا عن نفسه كل هجوم خائفا على الدوام خيانة الأهلين، أقول هكذا يجب عليه أن يدفع كل اغراء خارجي من الخطيئة وأن يخشى الحس لآن له شغفا مفرطا بالاشياء الدنسة، ولكن كيف يدافع عن نفسه اذا لم يكبح جماح العين التي هي أصل كل خطيئة جسدية، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته ان من ليست له عينان جسديتان يأمن من العقاب الا ما كان الى الدركة الثالثة على أن من له عينان يحل به القصاص حتى الدركة السابعة، حدث في زمن النبي ايليا ان ايليا رأى رجلا ضريرا حسن السيرة يبكي، فسأله قائلا : ( لماذا تبكي أيها الاخ ؟ ) ، أجاب الضرير: أبكي لأني لا أقدر أن أبصر ايليا النبي قدوس الله)، فوبخه ايليا قائلا: ( كف عن البكاء أيها الرجل لأنك ببكائك تخطئ)، أجاب الضرير: ( الا فقل لي أرؤية نبي الله الذي يقيم الموتى وينزل نارا من السماء خطيئة؟)، أجـاب ايليا: ( انك لا تقول الصدق لأن ايليا لا يقدر أن يأتي شيئا مما قلت على الاطلاق فانه رجل نظيرك لأن أهل العالم بأسرهم لا يقدرون أن يخلقوا ذبابة واحدة)، فقال الضرير: ( انك تقول هذا أيها الرجل لأنه لا بد أن يكون قد وبخك ايليا على بعض خطاياك فلذلك تكرهه)، أجاب ايليا: (عسى أن تكون قد نطقت بالحق لأني لو أبغضت ايليا أيها الاخ لأحببت الله وكلما زدت بغضا لايليا زدت حبا في الله) ، فاغتاظ الضرير لذلك غيظا شديدا وقال: ( لعمر الله انك لفاجر أيمكن لأحد أن يحب الله وهو يكره نبي الله انصرف من هنا لأني لست بمصغ اليك فيما بعد)، أجاب ايليا: ( أيها الاخ انك لترى الان بعقلك شدة شر البصر الجسدي لأنك تتمنى بصرا لتبصر ايليا وأنت تبغض ايليا بنفسك)، فأجاب الضرير: ( الا فانصرف لأنك أنت الشيطان الذي يريد أن يجعلني أخطئ الى قدوس الله)، فتنهد حينئذ ايليا وقال بدموع: ( انك لقد قلت الصدق أيها الاخ لأن جسدي الذي تود أن تراه يفصلني عن الله)، فقال الضرير: ( اني لا أود أن أراك بل لو كان لي عينان لأغمضتهما لكي لا أراك)، حينئذ قال ايليا: ( اعلم أيها الأخ اني أنا ايليا)، أجاب الضرير: ( انك لا تقول الصدق)، حينئذ قال تلاميذ ايليا: ( أيها الأخ انه ايليا نبي الله بعينه)، فقال الضرير: (اذا كان النبي فليقل لي من أي ذرية أنا وكيف صرت ضريرا؟).
                  
الفصل السابع عشر بعد المئة

     أجاب ايليا : ( انك من سبط لاوي ولانك نظرت وانت داخل هيكل لله الى امرأة بشهوة على مقربة من المقدس أزال إلهنا بصرك)، فقال حينئذ الضرير باكيا: ( أغفر لي يا نبي الله الطاهر لأني قد أخطأت اليك في الكلام واني لو أبصرتك لما كنت أخطأت)، فأجاب ايليا: ( ليغفر لك إلهنا أيها الأخ، لأني أعلم أنك فيما يخصني قد قلت الصدق، لأني كلما ازددت بغضا لنفسي ازددت محبة لله، لو رأيتني لخمدت رغبتك التي ليست مرضية لله، لان ايليا ليس هو خالقك بل الله)، ثم قال ايليا باكيا( اني أنا الشيطان فيما يختص بك لأني أحولك عن خالقك، فابك أيها الاخ اذ لم يكن لك نور يريك الحق من الباطل لأنه لو كان لك ذلك لما احتقرت تعليمي، لذلك أقول لك أن كثيرين يتمنون أن يروني ويأتون من بعيد ليروني وهم يحتقرون كلامي، لذلك كان خيرا لهم لخلاصهم أن لا يكون لهم عيون، لأن كل من يجد لذة في المخلوق أيا كان ولا يطلب أن يجد لذة في الله فقد صنع صنما في قلبه وترك الله)، ثم قال يسوع متنهدا: أفهمتم كل ما قاله إيليا؟ ، أجاب التلاميذ: حقا لقد فهمنا و اننا لحيارى من العلم بأنه لا يوجد هنا على الارض الا قليلون من الذين لا يعبدون الأصنام.
                  
الفصل الثامن عشر بعد المئة

     فقال حينئذ يسوع: انكم تقولون الحق لأن اسرائيل كان الآن راغبا في اقامة عبادة الاصنام التي في قلوبهم اذ حسبوني إلها، وكثيرون منهم قد احتقروا الآن تعليمي قائلين أنه يمكنني أن أجعل نفسي سيد اليهودية كلها اذا اعترفت بأنني إله، وأني مجنون اذ رضيت أن أعيش في الفاقة في أنحاء البرية دون أن أقيم على الدوام بين الرؤساء في عيش رغيد، ما أتعسك أيها الانسان الذي تحترم النور الذي يشترك فيه الذباب والنمل وتحتقر النور الذي تشترك فيه الملائكة والأنبياء وأخلاء الله الاطهار خاصة، فاذا لم تحفظ العين يا أندراوس فاني أقول لك أن عدم الانغماس في الشهوة حينئذ من المحال، لذلك قال أرميا النبي باكيا بشدة: (عين لص يسرق نفسي)، ولذلك صلى داود أبونا بأعظم شوق لله أبينا أن يحول عينيه لكي لا يرى الباطل، لأن كل ما له نهاية إنما هو باطل قطعا، قل لي اذا إذا كان لأحد فلسان يشتري بهما خبزا أفيصرفهما مشتريا دخانا؟، لا البتة لأن الدخان يضر العينين ولا يقيت الجسم، فعلى الانسان أن يفعل هكذا لأنه يجب عليه ببصر عينيه الخارجي وبصر عقله الداخلي أن يطلب ليعرف الله خالقه ومرضاة مشيئته وأن لا يجعل غرضه المخلوق الذي يجعله يخسر الخالق.
                
 
الفصل التاسع عشر بعد المئة

     لأنه حقا كلما نظر الانسان شيئا ونسي الله الذي خلقه للانسان فقد أخطأ، اذ لو وهبك صديق شيئا تحفظه ذكرى له فبعته ونسيت صديقك فقد أغظت صديقك، فهذا ما يفعل الانسان، لأنه عندما ينظر الى المخلوق ولا يذكر الخالق الذي خلقه اكراما للانسان يخطئ الى الله خالقه بالكفران بالنعمة، فمن ينظر اذا الى النساء وينسى الله الذي خلق المرأة لأجل خير الانسان يكون قد أحبها واشتهاها، وتبلغ منه شهوته هذه مبلغا يحب معه كل شيء شبيه بالشيء المحبوب فتنشأ عن ذلك الخطيئة التي يخجل من ذكرها، فاذا وضع الانسان لجاما لعينيه يصير سيد الحس الذي لا يشتهي ما لا يقدم له وهكذا يكون الجسد تحت حكم الروح، فكما أن السفينة لا تتحرك بدون ريح لا يقدر الجسد ان يخطئ بدون الحس، اما ما يجب على التائب عمله بعد ذلك من تحويل الثرثرة الى صلاة فهو ما يقول به العقل حتى لو لم يكن وصية من الله، لأن الإنسان يخطئ في كل كلمة قبيحة ويمحو إلى إلهنا خطيئته بالصلاة، لان الصلاة هي شفيع النفس، الصلاة هي دواء النفس، الصلاة هي صيانة القلب، الصلاة هي سلاح الايمان، الصلاة هي لجام الحس، الصلاة هي ملح الجسد الذي لا يسمح بفساده بالخطيئة، أقول لكم أن الصلاة هي يدا حياتنا اللتان يدافع بهما المصلي عن نفسه في يوم الدين، فإنه يحفظ نفسه من الخطيئة هنا على الارض ويحفظ قلبه حتى لا تمسه الاماني الشريرة مغضبا للشيطان لانه يحفظ حسه ضمن شريعة الله ويسلك جسده في البر نائلا من الله كل ما يطلب، لعمر الله الذي نحن في حضرته ان الانسان بدون صلاة لا يقدر ان يكون رجلا ذا اعمال صالحه اكثر مما يقدر أخرس على الاحتجاج عن نفسه امام ضرير او اكثر من امكان برء ناسور بدون مرهم او مدافعة رجل عن نفسه بدون حركة او مهاجمة آخر بدون سلاح او اقلاع في سفينة بدون دفة او حفظ اللحوم الميتة بدون ملح، فان من المؤكد ان من ليس له يدان لا يقدر ان يأخذ، فاذا تمكن المرء من تحويل السرقين الى ذهب او الطين الى سكر فماذا يفعل؟، فلما سكت يسوع أجاب التلاميذ: لا يتعاطى أحد عملا آخر سوى صنع الذهب والسكر، حينئذ قال يسوع: الا فلماذا لا يحول المرء الثرثرة الى صلاة؟، أأعطاه الله الوقت لكي يغضب الله؟، أي متبوع يهب تابعه مدينة لكي يثير هذا عليه حربا، لعمر الله لو علم المرء الى اية صورة تتحول النفس بالكلام الباطل لفضل عض لسانه بأسنانه على التكلم، ما أتعس العالم لأن الناس لا يجتمعون اليوم للصلاة بل إن الشيطان في أروقة الهيكل بل في الهيكل نفسه ذبيحة الكلام الباطل بل ما هو شر من ذلك من الامور التي لا يمكن التكلم عنها بدون خجل.
                   
الفصل العشرون بعد المئة

     أما ثمر الكلام الباطل فهو هذا: انه يوهن البصيرة الى حد لا يمكنها معه أن تكون مستعدة لقبول الحق، فهي كفرس اعتاد أن يحمل رطلا من القطن فلم يعد قادرا أن يحمل مئة رطل من الحجر، ولكن شر من ذلك الرجل الذي يصرف وقته في المزاح، فمتى أراد أن يصلي ذكّره الشيطان بنفس تلك الفكاهات المزحية حتى أنه عندما يجب عليه أن يبكي على خطاياه لكي يستمنح الله الرحمة ولينال غفران خطاياه يثير بالضحك غضب الله الذي سيؤدبه ويطرحه خارجا، ويل اذا للمازحين والمتكلمين بالباطل!، ولكن اذا كان يمقت إلهنا المازحين والمتكلمين بالباطل فكيف يعتبر الذين يتذمرون ويغتابون جيرانهم وفي أي ورطة يكون الذين يتخذون ارتكاب الخطايا ضربا من التجارة على غاية الضرورة؟ ، ايها العالم الدنس لا اقدر ان اتصور بأي صرامة يقتص منك الله، فعلى من يجاهد نفسه ان يعطي كلامه بثمن الذهب، أجاب تلاميذه: ولكن من يشتري كلام امريء بثمن الذهب؟، لا احد قط، وكيف يجاهد نفسه؟ من المؤكد انه يصير طماعا؟، أجاب يسوع: ان قلبكم ثقيل جدا حتى اني لا اقدر على رفعه، لذلك لزم ان افيدكم معنى كل كلمة، ولكن اشكروا الله الذي وهبكم نعمة لتعرفوا اسرار الله، لا أقول أن على التائب ان يبيع كلامه بل أقول انه متى تكلم وجب عليه ان يحسب انه يلفظ ذهبا، حقا انه اذا فعل ذلك فإنه يتكلم متى كان الكلام ضروريا فقط كما يصرف الذهب على الاشياء الضرورية، فكما لا يصرف أحد ذهبا على شيء يكون من ورائه ضرر بجسده كذلك لا ينبغي له ان يتكلم عن شيء قد يضر نفسه


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارحب بالجميع فط راسلنى على البريد التالي :
nooral7q@gmail.com