بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 أبريل 2012

الجزء الرابع




الفصل الحادي والثلاثون

فاقترب الكهنة حينئذ الى يسوع وقالوا يا معلم أيجوز أن تعطي جزية لقيصر ؟ ، فالتفت يسوع ليهوذا وقال : هل معك نقود ؟ ثم أخذ يسوع بيده فلسا والتفت الى الكهنة وقال لهم : ان على هذا الفلس صورة فقولوا لي صورة من هي ؟ فأجابوا : صورة قيصر ، فقال يسوع : اعطوا إذا ما لقيصر لقيصر واعطوا ما لله لله ، حينئذ انصرفوا بالخيبة ، واقترب قائد مئة قائلا : يا سيد ان ابني مريض فارحم شيخوختي ، أجاب يسوع ليرحمك الرب إله إسرائيل ، ولما كان الرجل منصرف قال يسوع : انتظرني ، لأني آت  الى بيتك لأصلي على ابنك ، أجاب قائد المئة : يا سيد اني لست أهلا وأنت نبي الله تأتي إلى بيتي ، تكفيني كلمتك التي تكلمت بها لشفاء ابني ، لأن إلهك قد جعلك سيدا على كل مرض كما قال لي ملاكه في المنام ، فتعجب حينئذ يسوع كثيرا ، وقال ملتفتا الى الجمع : انظروا هذا الاجنبي لأن فيه ايمان أكثر من وجد في إسرائيل ، ثم التفت إلى قائد المئة وقال : اذهب بسلام لأن الله منح ابنك صحة لاجل الايمان العظيم الذي اعطاكه ، فمضى قائد المئة في طريقه ، والتقى في الطريق بخدمته الذين أخبروه أن ابنه قد برىء ، أجاب الرجل : في أي ساعة تركته الحمى؟ فقالوا : أمس في الساعة السادسة انصرفت عنه الحمى ، فعلم الرجل انه لما قال يسوع ( ليرحمك الرب إله إسرائيل ) استرد ابنه صحته، لذلك آمن الرجل بإلهنا ، ولما دخل بيته حطم كل آلهته تحطيما قائلا : ليس الإله الحقيقي الحي سوى إله إسرائيل ، لذلك قال  : ( لا يأكل خبزي أحد لم يعبد إله إسرائيل ) .
                    
الفصل الثاني والثلاثون

ودعا أحد المتضلعين من الشريعة يسوع للعشاء ليجربه، فجاء يسوع إلى هناك مع تلاميذه ، وكثيرون من الكتبة انتظروه في البيت ليجربوه ، فجلس التلاميذ إلى المائدة دون أن يغسلوا أيديهم ، فدعـا الكتبة يسوع قائلين : لماذا لا يحفظ تلاميذك تقاليد شيوخنا بعدم غسل أيديهم قبل أن يأكلوا خبزا ؟ ، أجاب يسوع : وأنا أسألكم لأي سبب أبطلتم شريعة الله لتحفظوا تقاليدكم ؟، تقولون لأولاد الأباء الفقراء ( قدموا وأنذروا نذورا للهيكل ) وهم إنما يجعلون نذورا من النزر الذي يجب أن يعولوا به آباءهم ، إذا أحب آباؤهم أن يأخذوا نقودا يصرخ الأبناء ( أن هذه النقود نذر الله ) ، فيصيب الآباء بسبب ذلك ضيق ، أيها الكتبة الكذابون المراؤون أيستعمل الله هذه النقود؟، كلا ثم كلا ، لأن الله لا يأكل كما يقول بواسطة عبده داود النبي ( هل آكل لحم الثيران وأشرب دم الغنم ؟ أعطني ذبيحة الحمد وقدم لي نذورك ، لأني ان جعت لا أطلب منك شيئا لأن كل الأشياء في يدي وعندي وفرة الجنة )  ، أيها المراؤون إنكم إنما تفعلون ذلك لتملأوا كيسكم ولذلك تعشرون السذاب والنعنع ، ما أشقاكم لأنكم تظهرون للآخرين أشد الطرق وضوحا ولا تسيرون فيها ، أيها الكتبة والفقهاء إنكم تضعون على عواتق الآخرين أحمالا لا يطاق حملها ، ولكنكم أنفسكم لا تحركونها بإحدى أصابعكم ، الحق أقول لكم ان كل شر إنما دخل العالم بوسيلة الشيوخ ، قولوا لي من أدخل عبادة الأصنام في العالم الا طريقة الشيوخ ، انه كان ملك أحب أباه كثيرا وكان اسمه بعلا ، فلما مات الأب أمر ابنه بصنع تمثال شبه أبيه تعزية لنفسه ، ونصبه في سوق المدينة ، وأمر بأن يكون كل من اقترب من ذلك التمثال إلى مسافة خمسة عشر ذراعا في مأمن لا يلحق أحد به أذى على الاطلاق ، وعليه أخذ الأشرار بسبب الفوائد التي جنوها من التمثال يقدمون له وردا وزهورا ، ثم تحولت هذه الهدايا في زمن قصير إلى نقود وطعام حتى سموه إلها تكريما له ، وهذا الشيء تحول من عادة إلى شريعة حتى ان الصنم بعلا انتشر في العالم كله ، وقد ندب الله على هذا بواسطة أشعيا قائلا : ( حقا إن هذا الشعب يعبدني باطلا، لأنهم أبطلوا شريعتي التي أعطاهم إياها عبدي موسى ويتبعون تقاليد شيوخهم ) ، الحق أقول لكم ان أكل الخبز بأيد غير نظيفة لا ينجس انسانا لأن ما يدخل الانسان لا ينجس الانسان بل الذي يخرج من الانسان ينجس الانسان ، فقال حينئذ أحد الكتبة : ان أكلت لحم الخنزير أو لحموما أخرى نجسه أفلا تنجس هذه ضميري ؟ ، أجاب يسوع: ان العصيان لا يدخل الانسان بل يخرج من الانسان من قلبه ، ولذلك يكون نجسا متى أكل طعاما محرما ، حينئذ قال أحد الفقهاء : يا معلم لقد تكلمت كثيرا في عبادة الأصنام كأن عند شعب إسرائيل أصناما ، وعليه فقد أسأت الينا ، أجاب يسوع : أعلم جيدا انه لا يوجد اليوم تماثيل من خشب في إسرائيل ولكن توجد تماثيل من جسد ، فأجاب حينئذ جميع الكتبة بحنق : أنحن إذا عبدة أصنام ؟ ، أجاب يسوع : الحق أقول لكم لا تقول الشريعة أعبد بل أحب الرب إلهك بكل نفسك وبكل قلبك وبكل عقلك ، ثم قال يسوع : أصحيح هذا ؟ فأجاب كل واحد: انه لصحيح .
                   
الفصل الثالث والثلاثون

ثم قال يسوع حقا ان كل ما يحبه الانسان ويترك لأجله كل شيء سواه فهو إلهه ، وهكذا فإن صنم الزاني هو الزانية وصنم النهم والسكير جسده ، وصنم الطماع الفضة والذهب ، وقس عليه كل خاطىء آخر ، فقال حينئذ الذي دعاه : يا معلم ماهي أعظم خطيئة ؟ ، أجاب يسوع : أي الخراب أعظم في البيت ؟ ، فسكت كل احد ، ثم أشار يسوع بإصبعه إلى الأساس وقال : إذا تزعزع أساس سقط البيت خرابا ، فيلزم إذ ذاك أن يبني جديدا ، ولكن إذا تداعى أي جزء سواه يمكن ترميمه ، ولذلك أقول لكم أن عبادة الأصنام هي أعظم خطيئة ، لأنها تجرد الانسان بالمرة من الإيمان ، فتجرده من الله بحيث لا تكون له محبة روحية ، ولكن كل خطيئة اخرى تترك للإنسان أمل نيل الرحمة ، ولذلك أقول ان عبادة الأصنام أعظم خطيئة ، فوقف الجميع مبهوتين من حديث يسوع لأنهم علموا انه لايمكن الرد عليه مطلقا ، ثم أتم يسوع: تذكروا ما تكلم الله به وما كتبه موسى ويشوع في الناموس فتعلموا ما أعظم هذه الخطيئة ، قال الله مخاطبا إسرائيل : لا تصنع لك تمثالا مما في السماء ولا ممـا تحت السماء ، ولا تصنعه مما فوق الأرض ولا مما تحت الأرض ، ولا مما فوق الماء ولا مما تحت الماء ، إني أنا إلهك قوي وغيور ينتقم لهذه الخطيئة من الآباء وأبنائهم حتى الجيل الرابع ، فاذكروا كيف لما صنع آباؤنا العجل وعبدوه أخذ يشوع وسبط لاوى السيف بأمر الله وقتلوا مئة ألف وعشرين ألفا من أولئك الذين لم يطلبوا رحمة من الله ، ما أشد دينونة الله على عبدة الأوثان .

الفصل الرابع والثلاثون
      
        وكان أمام الباب واحد كانت يده اليمنى متيبسة إلى حد لم يتمكن معه من استعمالها، فوجه يسوع قلبه لله وصلى ثم قال : لتعلموا أن كلماتي حق أقول باسم الله امدد يا رجل يدك المريضة، فمدها صحيحة كأن لم تصبها علة، حينئذ ابتدأوا يأكلون بخوف الله، وبعد ان أكلوا قليلا قال يسوع أيضا : الحق أقول لكم ان احراق مدينة لأفضل من أن يترك فيها عادة رديئة ، لأن لأجل مثل هذا يغضب الله على رؤساء وملوك الأرض الذين أعطاهم الله سيفا ليفنوا الآثام ، ثم قال بعد ذلك يسوع . متى دعيت فاذكر الا تضع نفسك في الموضع الأعلى، حتى إذا جاء صديق لصاحب البيت أعظم منك لا يقول لك صاحب البيت ( قم واجلس أسفل ) فيكون باعثا لك على الخجل، بل اذهب وأجلس في أحقر موضع ليجيء الذي دعاك ويقول ( قم يا صديق واجلس هنا في الأعلى) فيكون لك حينئذ فخر عظيم، لأن من يرفع نفسه يتًّضع ومن يضع نفسه يرتفع، الحق أقول لكم ان الشيطان لم يخذل الا بخطيئة الكبرياء، كما يقول النبي اشعيا موبخا إياه بهذه الكلمات: ( كيف سقطت من السماء يا كوكب الصبح يا من كنت جمال الملائكة وأشرقت كالفجر ، حقا ان كبرياءك قد سقطت للأرض ، الحق أقول لكم إذا عرف انسان شقاءه فإنه يبكي هنا على الأرض دائما ، ويحسب نفسه أحقر من كل شيء آخر، ولا سبب وراء هذا لبكاء الانسان الأول وامرأته مئة سنة بدون انقطاع طالبين رحمة من الله ، لانهما علما يقينا أين سقطا بكبريائهما، ولما قال يسوع هذا شكر، وذاع ذلك اليوم في أورشليم الأشياء العظيمة التي قالها يسوع والآية التي صنعها، فشكر الشعب الله مباركين اسمه القدوس، أما الكتبة والكهنة فلما أدركوا أنه ندد بتقاليد الشيوخ اضطرموا ببغضاء أشد، وقسوا قلوبهم نظير فرعون، ولذلك طلبوا فرصة ليقتلوه ولكنهم لم يجدوها .

الفصل الخامس والثلاثون

       وانصرف يسوع من أورشليم ، وذهب إلى البرية وراء الأردن ، فقال تلاميذه الذين كانوا جالسين حوله : يا معلم قل لنا كيف سقط الشيطان بكبريائه، لأننا كنا نعلم انه سقط بسبب العصيان ، ولأنه كان دائما يفتن الانسان ليفعل شرا ، أجاب يسوع : لما خلق الله كتلة من التراب ، وتركها خمسا وعشرين ألف سنة بدون أن يفعل شيئا آخر ، علم الشيطان الذي كان بمثابة كاهن ورئيس للملائكة لما كان عليه من الإدراك العظيم أن الله سيأخذ من تلك الكتلة مئة وأربعة وأربعين ألفا موسومين بسمة النبوة ورسول الله الذي خلق الله روحه قبل كل شيء آخر بستين ألف سنة ، ولذلك غضب الشيطان فأغرى الملائكة قائلا : ( انظروا سيريد الله يوما ما أن نسجد لهذا التراب ، وعليه فتبصروا في أننا روح وأنه لا يليق أن نفعل ذلك ) ، لذلك ترك الله كثيرون ، من ثم قال الله يوما لما التأمت الملائكة كلهم ( ليسجد توا كل من اتخذني ربا لهذا التراب ، فسجد له الذين أحبوا الله ، أما الشيطان والذين كانوا على شاكلته فقالوا : ( يا رب أننا روح ولذلك ليس من العدل أن نسجد لهذه الطينة ، ولما قال الشيطان ذلك أصبح هائلا ومخوف النظر ، وأصبح اتباعه مقبوحين ، لان الله أزال بسبب عصيانهم الجمال الذي جمًّلهم به لما خلقهم ، فلما رفع الملائكة الأطهار رؤوسهم رأوا شدة قبح الهولة التي تحول الشيطان إليها ، وخر أتباعه على وجوههم إلى الأرض خائفين ، حينئذ قال الشيطان : ( يا رب انك جعلتني قبيحا ظلما ولكنني راض بذلك لاني اروم أن أبطل كل ما فعلت ) ، وقالت الشياطين الأخرى : ( لا تدعه ربا يا كوكب الصبح لأنك أنت الرب ) حينئذ قال الله لاتباع الشيطان : ( توبوا واعترفوا بأنني أنا الله خالقكم ) أجابوا ( إننا نتوب عن سجودنا لك لأنك غير عـادل ، ولكن الشيطان عـادل وبريئ وهـو ربنا ) حينئذ قـال الله : ( انصرفوا عني أيها الملاعين لأنه ليس عندي رحمة لكم وبصق الشيطان أثناء انصرافه على كتلة التراب ، فرفع جبريل ذلك البصاق مع شيء من التراب فكان للإنسان بسبب ذلك سرة في بطنه .
                      
الفصل السادس والثلاثون

       فدهش التلاميذ دهشا عظيما لعصيان الملائكة، حينئذ قال يسوع: الحق أقول لكم إن من لا يصلي فهو شر من الشيطان ، وسيحل به عذاب أعظم ، لأنه لم يكن للشيطان قبل سقوطه عبرة في الخوف ، ولم يرسل الله له رسولا يدعوه إلى التوبه ، ولكن الإنسان وقد جاء الأنبياء كلهم إلا رسول الله الذي سيأتي بعدي لأن الله يريد ذلك حتى أهيىء طريقه ، يعيش بإهمال بدون أدنى خوف كأنه لا يوجد إله مع إن له أمثلة لا عداد لها على عدل الله ، فعن مثل هؤلاء قال داود النبي : ( قال الجاهل في قلبه ليس إله لذلك كانوا فاسدين وأمسوا رجساً دون أن يكون فيهم واحد يفعل صلاحاً ) صلوا بدون انقطاع يا تلاميذي لتعطوا ، لأن من يطلب يجد ، ومن يقرع يفتح له ، ومن يسأل يعط ، ولا تنظروا في صلواتكم إلى كثرة الكلام لأن الله ينظر إلى القلب كما قال سليمان ( يا عبدي اعطني قلبك ) الحق أقول لكم لعمر الله إن المرائين يصلون كثيرا في كل أنحاء المدينة لينظرهم الجمهور ويعدهم قديسين ولكن قلوبهم ممتلئة شرا، فهم ليسوا على جد في ما يطلبون ، فمن الضروري أن تكون مخلصا في صلاتك إذا أحببت أن يقبلها الله، فقولوا لي من يذهب ليكلم الحاكم الروماني أو هيرودس ولا يكون قصده موجها إلى من هو ذاهب إليه وإلى ما هو عازم أن يطلبه منه ؟ ، لا أحد مطلقا ، فإذا كان الإنسان يفعل كذلك ليكلم رجلا فماذا على الإنسان أن يفعل ليكلم الله ، ويطلب منه رحمة لخطاياه شاكرا إياه على كل ما أعطاه ، الحق أقول لكم إن الذين يقيمون الصلاة قليلون، ولذلك كان للشيطان تسلط عليهم ، لأن الله لا يحب أولئك الذين يكرمونه بشفاههم ، الذين يطلبون في الهيكل رحمة بشفاههم، ولكن قلوبهم تستصرخ العدل، كما تكلم اشعيا النبي قائلا: ( ابعد هذا الشعب الثقيل على ، لأنهم يحترمونني بشفاههم أما قلبهم فمبتعد عني ) ، الحق أقول لكم إن الذي يذهب ليصلي بدون تدبر يستهزىء بالله ، من يذهب ليكلم هيرودس ويوليه ظهره ؟ ويمدح أمامه بيلاطس الحاكم الذي يكرهـه حتى الموت ؟ ، لا أحد مطلقا ، ولكن الإنسان الذي يذهب ليصلي ولا يعد نفسه لا يكون فعله دون هذا، فإنه يولي الله ظهره والشيطان وجهه، لان في قلبه محبة الإثم التي لم يتب عنها، فإذا أساء إليك أحد وقال لك بشفتيه: (اغفر لي) وضربك ضربة بيديه فكيف تغفر له ؟ هكذا يرحم الله الذين يقولون بشفاههم ( يا رب ارحمنا ) ويحبون بقلوبهم الإثم ويهمّون بخطايا جديدة
                     
 
الفصل السابع والثلاثون

     فبكى التلاميذ لكلام يسوع ، وتضرعوا إليه قائلين : يا سيد علمنا لنصلي ، أجاب يسوع: تأملوا ماذا تفعلون إذا ألقي القبض عليكم الحاكم الروماني ليعدمكم، فافعلوا نظير ذلك حينما تصلون، وليكن كلامكم هذا، أيها الرب إلهنا ، ليتقدس اسمك القدوس، ليأت ملكوتك فينا ، لتنفذ مشيئتك دائما ، وكما هي نافذة في السماء لتكن نافذة كذلك على الأرض ، أعطنا الخبز لكل يوم، واغفر لنا خطايانا، كما نغفر نحن لمن يخطئون إلينا، ولا تسمح بدخولنا في التجارب، ولكن نجنا من الشرير، لانك أنت وحدك إلهنا الذي يجب له المجد والإكرام إلى الأبد .

الفصل الثامن والثلاثون

     حينئذ أجاب يوحنا : يا معلم لنغتسل كما أمر الله على لسان موسى ، قال يسوع : أتظنون إني جئت لأجل الشريعة والأنبياء ؟ ، الحق أقول لكم لعمر الله اني لم آت لابطلها ولكن لاحفظها ، لان كل نبي حفظ شريعة الله وكل ما تكلم الله به على لسان الأنبياء الآخرين، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته لا يمكن أن يكون مرضيا لله من يخالف أقل وصاياه، ولكنه يكون الأصغر في ملكوت الله، بل لا يكون له نصيب هناك، وأقول لكم أيضا انه لا يمكن مخالفة حرف واحد من شريعة الله الا باجتراح أكبر الاثام ، ولكني أحب أن تفقهوا انه ضروري أن تحافظوا على هذه الكلمات التي قالها الله على لسان اشعيا النبي ( اغتسلوا وكونوا أنقياء أبعدوا أفكاركم عن عيني ) الحق أقول لكم إن ماء البحر كله لا يغسل من يحب الآثام بقلبه، وأقول لكم أيضا انه لا يقدم أحد صلاة مرضية لله إن لم يغتسل ، ولكنه يحمل نفسه خطيئة شبيهة بعبادة الأوثان، صدقوني بالحق انه إذا صلى إنسان لله كما يجب ينال كل ما يطلب، اذكروا موسى عبد الله الذي ضرب بصلاته مصر وشق البحر الأحمر وأغرق هناك فرعون وجيشه ، اذكروا يشوع الذي أوقف الشمس ، وصموئيل الذي أوقع الرعب في جيش الفلسطينيين الذي لا يحصى ، وإيليا الذي أمطر نارا من السماء ، وأقام اليشع ميتا ، وكثيرون غيرهم من الأنبياء الأطهار الذين بواسطة الصلاة نالوا كل ما طلبوا ، ولكن هؤلاء الناس لم يطلبوا في الحقيقة شيئا لهم أنفسهم ، بل إنما طلبوا الله ومجده .
 
الفصل التاسع والثلاثون

     حينئذ قال يوحنا : حسنا تكلمت يا معلم ، ولكن ينقصنا أن نعرف كيف أخطأ الإنسان بسبب الكبرياء ، أجاب يسوع: لما طرد الله الشيطان، وطهر الملاك جبريل تلك الكتلة من التراب التي بصق عليها الشيطان، خلق الله كل شيء حي من الحيوانات التي تطير ومن التي تدب وتسبح، وزين العالم بكل ما فيه، فاقترب الشيطان يوما ما من أبواب الجنة، فلما رأى الخيل تأكل العشب اخبرها انه اذا تأتى لتلك الكتلة من التراب أن يصير لها نفس أصابها ضنك، ولذلك كان من مصلحتها أن تدوس تلك القطعة من التراب. على طريقة لا تكون بعدها صالحة لشيء، فثارت الخيل وأخذت تعدو بشدة على تلك القطعة من التراب التي كانت بين الزنابق والورود، فأعطى الله من ثم روحا لذلك الجزء النجس من التراب الذي وقع عليه بصاق الشيطان الذي كان أخذه جبريل من الكتلة، وأنشأ الكلب فأخذ ينبح فروّع الخيل فهربت، ثم اعطى الله نفسه للإنسان وكانت الملائكة كلها ترنم : ( اللهم ربنا تبارك اسمك القدوس ) فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهـواء كتابة تتألق كالشمس نصها (( لا إله إلا الله ومحمد رسـول الله )) ، ففتح حينئذ آدم  فاه وقال :  ( أشكرك أيها الرب إلهي لانك تفضلت فخلقتني ، ولكن أضرع إليك أن تنبأني ما معنى هذه الكلمات (( محمد رسول الله )) ، فأجاب الله : ( مرحبا بك يا عبدي آدم ، واني أقول لك أنك أول إنسان خلقت ، وهذا الذي رأيته إنما هو ابنك الذي سيأتي إلى العالم بعد الآن بسنين عديدة ، وسيكون رسولي الذي لأجله خلقت كل الأشياء ، الذي متى جاء سيعطى نورا للعالم ، الذي كانت نفسه موضوعة في بهاء سماوى ستين ألف سنة قبل أن أخلق شيئا ) فضرع آدم إلى الله قائلا : ( يا رب هبني هـذه الكتابة على أظفار أصابع يدي ) فمنح الله الإنسان الأول تلك الكتابة على إبهاميه، على ظفر إبهام اليد اليمنى ما نصه (( لا إله إلا الله )) ، وعلى ظفر إبهـام اليد اليسرى مـا نصه (( محمد رسول الله )) ، فقبّل الإنسان الأول بحنو أبوي هذه الكلمات، ومسح عينيه وقال : ( بورك ذلك اليوم الذي سيأتي فيه إلى العالم ) فلما رأى الله الإنسان وحده قال : ( ليس حسنا أن يكون وحده ) فلذلك نوّمه ، وأخذ ضلعا من جهة القلب ، وملأ الموضع لحما ، فخلق من تلك الضلع حواء ، وجعلها امرأة لآدم ، وأقام الزوجين سيدي الجنة ، وقال لهما : ( أنظروا إني أعطيكما كل ثمر لتأكلا منه خلا التفاح والحنطة ) ثم قال : ( احذروا أن تأكلا شيئا من هذه الأثمار ، لأنكما تصيران نجسين ، فلا اسمح لكما بالبقاء هنا بل أطردكما ويحل بكما شقاء عظيم ) .
 
الفصل الأربعون

فلما علم الشيطان بذلك تميز غيظا ، فاقترب إلى باب الجنة حيث كان الحارس حية مخوفة لها قوائم كجمل وأظافر أقدامها محددة من كل جانب كموسى ، فقال لهـا العدو : ( اسمحي لي بأن ادخـل الجنة ) أجابت الحية :  ( وكيف أسمح لك بالدخول وقد أمرني الله بأن أطردك ؟ ) أجاب الشيطان : ( ألا ترين كم يحبك الله إذ أقامك خارج الجنة لتحرسي كتلة من الطين وهي الإنسان ؟ ، فإذا أدخلتني الجنة أجعلك رهيبة حتى ان كل احد يهرب منك، فتذهبين وتقيمين حسب ارادتك ) فقالت الحية ( وكيف أدخلك ) أجاب الشيطان : ( انك كبيرة فافتحي فاك فأدخل بطنك، فمتى دخلت الجنة ضعيني بجانب هاتين الكتلتين من الطين اللتين تمشيان حديثا على الأرض ) ففعلت عندئذ الحية ذلك ، ووضعت الشيطان بجانب حواء لأن آدم زوجها كان نائما،فتمثل الشيطان للمرأة ملاكا جميلا وقال لها : ( لماذا لا تأكلان من هذا التفاح وهذه الحنطة ؟ ) أجابت حواء : ( قال لنا إلهنا إنا إذا أكلنا منها صرنا نجسين ولذلك يطردنا من الجنة ) فأجاب الشيطان : ( انه لم يقل الصدق ، فيجب أن تعرفي ان الله شرير وحسود ، ولذلك لا يحتمل اندادا ، ولكنه يستعبد كل أحد ، وهو إنما قال لكما ذلك لكيلا تصيرا ندين له، ولكن إذا كنت وعشيرك تعملان بنصيحتي فإنكما تأكلان من هذه الأثمار كما تأكلان من غيرها ، ولا تلبثا خاضعين لا خرين ، بل تعرفان الخير والشر كالله وتفعلان ما تريدان ، لأنكما تصيران ندين لله ) فأخذت حينئذ حواء وأكلت من هذه الأثمار ، ولما استيقظ زوجها أخبرته بكل ما قال الشيطان ، فتناول منها ما قدمته له وأكل ، وبينما كان الطعام نازلا ذكر كلام الله ، فلذلك أراد أن يوقف الطعام فوضع يده في حلقه حيث كل إنسان له علامة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارحب بالجميع فط راسلنى على البريد التالي :
nooral7q@gmail.com