بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 أبريل 2012

الجزء السادس عشر



الفصل الحادي والخمسون بعد المئة

     وقال يسوع لتلاميذه: لقد كان الرجل فريسيا حقيقيا، وان شاء الله أمكنا أن نأخذه يوم الدين صديقا لنا، ثم دخل يسوع الى سفينة وأسف تلاميذه لأنهم نسوا أن يحضروا خبزا، فانتهرهم يسوع قائلا: احذروا من خمير فريسي يومنا لأن خميرة صغيرة تخمر كيلة من الدقيق، حينئذ قال التلاميذ بعضهم لبعض: أي خمير معنا اذ لم يكن معنا خبز؟، فقال يسوع: يا قليلي الايمان أنسيتم اذا ما فعل الله في نايين حيث لم يكن أدنى دليل على الحنطة؟، وكم عدد الذين أكلوا وشبعوا من خمسة أرغفة وسمكتين؟، ان خمير الفريسي هو عدم الايمان بالله بل قد أفسد اسرائيل، لأن السذج لما كانوا اميين يفعلون ما يرون الفريسيين يفعلونه لأنهم يحسبونهم أطهارا ، أتعلمون ما هو الفريسي الحقيقي؟، هو زيت الطبيعة البشرية، لأن الزيت كما يطفوا فوق كل سائل هكذا تطفوا جودة كل فريسي حقيقي فوق كل صلاح بشرى، هو كتاب حى يمنحه الله للعالم، كل ما يقوله أو يفعله إنما هو بحسب شريعة الله، فمن يفعل كما يفعل فهو يحفظ شريعة الله، إن الفريسي الحقيقي ملح لا يدع الجسد البشري ينتن بالخطيئة، لأن كل من يراه يتوب انه نور ينير طريق السائح لأن كل من يتأمل فقره مع توبته يرى انه لا يجب علينا في هذا العالم أن نغلق قلوبنا، ولكن من يجعل الزيت زنخا ويفسد الكتاب ويجعل الملح منتنا ويطفئ النور فهذا الرجل فريسي كاذب، فاذا كنتم لا تريدون أن تهلكوا فاحذروا أن تفعلوا كما يفعل الفريسيون اليوم.
             
الفصل الثاني والخمسون بعد المئة

     فلما جاء يسوع إلى اورشليم ودخل الهيكل يوم سبت اقترب الجنود ليجربوه ويأخذوه، وقالوا: يا معلم أيجوز اصلاء الحرب؟، أجاب يسوع: ان ديننا يخبرنا ان حياتنا حرب عوان على الارض، قال الجنود: أفتريد اذا أن تحولنا الى دينك أو تريد أن نترك جم الآلهة ( فان لرومية وحدها ثمانية وعشرين ألف إله منظور ) وأن نتبع إلهك الأحد ، ولما كان لا يرى فهو لا يعلم أين مقره، وقد لا يكون سوى باطل، أجاب يسوع: لو كنت خلقتكم كما خلقكم إلهنا لحاولت تغييركم، أجابوا: اذا كان لا يعلم أين إلهك فكيف خلقنا؟، أرنا إلهك نكن يهودا، فقال حينئذ يسوع: لو كان لكم عيون لأريتكم اياه ولكن لما كنتم عميانا فلست بقادر على أن اريكم اياه، أجاب الجنود: حقا لا بد أن يكون الاكرام الذي يقدمه لك الشعب قد سلبك عقلك لأن لكل منا عينين في رأسه وأنت تقول اننا عميان، أجاب يسوع: ان العيون الجسدية لا تبصر إلا الكثيف والخارجي، فلا تقدرون من ثم إلا على رؤية آلهتكم الخشبية والفضية والذهبية التي لا تقدر أن تفعل شيئا، أما نحن أهل يهوذا فلنا عيون روحية هي خوف إلهنا؟ ودينه، ولذلك لا يمكن لنا رؤية إلهنا في كل مكان، أجاب الجنود: احذر كيف تتكلم لأنك اذا صببت احتقارا على آلهتنا سلمناك إلى يد هيرودس الذي ينتقم لآلهتنا القادرة على كل شيء، أجاب يسوع: ان كانت قادرة على كل شيء كما تقولون فعفوا لاني سأعبدها، ففرح الجنود لما سمعوا هذا وأخذوا يمجدون أصنامهم، فقال حينئذ يسوع: لا حاجة بنا هنا الى الكلام بل الى الاعمال، فاطلبوا لذلك من آلهتكم أن تخلق ذبابة واحدة فأعبدها، فراع الجنود سماع هذا ولم يدروا ما يقولون، فقال من ثم يسوع: اذا كانت لا تقدر أن تصنع ذبابة واحدة جديدة فاني لا أترك لأجلها ذلك الإله الذي خلق كل شيء بكلمة واحدة الذي مجرد اسمه يروع جيوشا، أجاب الجنود: لنرى هذا لأننا نريد أن نأخذك وأرادوا أن يمدوا أيديهم الى يسوع، فقال حينئذ يسوع: ((ادوناى صباءوت!))، ففي الحال تدحرجت الجنود من الهيكل كما يدحرج المرء براميل من خشب غسلت لتملأ ثانية خمرا، فكانوا يلتطمون بالأرض تارة برأسهم وطورا بأرجلهم وذلك دون أن يمسهم أحد، فارتاعوا وأسرعوا إلى الهرب ولم يعودوا يروا في اليهودية قط.

الفصل الثالث والخمسون بعد المئة

     فتذمر الكهنة والفريسيون فيما بينهم، وقالوا لقد أوتي حكمة بعل وعشتاروت فهو إنما فعل هذا بقوة الشيطان، ففتح يسوع فاه وقال: لقد أمر إلهنا أن لا نسرق قريبنا، ولكن قد انتهكت حرمة هذه الوصية حتى أنها ملأت العالم خطيئة لا تغفر كما تغفر الخطايا الاخرى، لأنه اذا ندب المرء الخطايا الاخرى ولم يعد الى ارتكابها فيما بعد وصام مع الصلاة والتصدق صفح إلهنا القدير الرحيم، ولكن هذه الخطيئة من نوع لا يمكن غفرانه إلا  إذا ردّ ما أخذ ظلما ، فقال حينئذ أحد الكتبة : كيف ملأت السرقة العالم كله خطيئة ؟ ، حقا إنه لا يوجد الآن بنعمة الله سوى النزر القليل من اللصوص وهم لا يجرءون على الظهور لان الجنود تشنقهم حالا، أجاب يسوع: من لا يعرف الاموال لا يقدرون أن يعرفوا اللصوص، بل أقول لكم الحق ان كثيرين يسرقون وهم لا يدرون ما يفعلون، ولذلك كانوا أعظم خطيئة من الاخرين لأن المرض الذي لا يعرف لا يشفى، فدنا حينئذ الفريسيون من يسوع وقالوا: يا معلم اذا كنت أنت وحدك في اسرائيل تعرف الحق فعلمنا، فأجاب يسوع: اني لا أقول اني أنا وحدي في اسرائيل أعرف الحق لأن هذه اللفظة((وحدك)) تختص بالله وحده لا بغيره، لأنه هو الحق الذي وحده يعرف الحق، فاذا قلت هكذا صرت لصا أعظم لاني أكون قد سرقت مجد الله، وان قلت اني وحدي عرفت الله وقعت في جهل أعظم من الجميع، وعليه فانكم قد ارتكبتم خطيئة فظيعة بقولكم اني وحدي أعرف الحق، ثم أقول انكم اذا قلتم هذا لتجربوني فخطيئتكم أعظم مرتين، فلما رأى يسوع ان الجميع صمتوا عاد: مع اني لست الوحيد في اسرائيل الذي يعرف الحق فاني وحدي أتكلم، فأصيخوا السمع لي لأنكم قد سألتموني، ان كل المخلوقات خاصة بالخالق حتى انه لا يحق لشيء أن يدعي شيئا، وعليه فان النفس والحس والجسد والوقت والمال والمجد جميعها ملك الله، فاذا لم يقبلها الانسان كما يريد الله أصبح لصا، وكذلك اذا صرفها مخالفا لما يريده الله فهو أيضا لص، لذلك أقول لكم لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته انكم عندما تسوفون قائلين: سأفعل غدا كذا سأقول كذا سأذهب الى الموضع الفلاني دون أن تقولوا ان شاء الله فأنتم لصوص، وتكونون أعظم لصوصية اذا صرفتم أفضل وقتكم في مرضاة أنفسكم دون مرضاة الله بل تصرفون أراده في خدمة الله، لانتم اذا بالحق لصوص، كل من يرتكب الخطيئة مهما كان زيه فهو لص، لأنه يسرق النفس والوقت وحياته التي يجب أن تخدم الله ويعطيها للشيطان عدو الله.
         
 
الفصل الرابع والخمسون بعد المئة

     فالرجل الذي له شرف وحياة ومال إذا سرقت أمواله شنق السارق وإذا أخذت حياته قطع رأس القاتل ، وهو عدل الله لأن الله أمر بذلك ، ولكن متى أخذ شرف قريب فلماذا لا يصلب السارق ؟ ، هل المال أفضل من الشرف ؟ ، أأمر الله مثلا أن من يقاص بأخذ المال ومن يأخذ الحياة مع المال يقاص ولكن من يأخذ الشرف يسرح!، لا لا البتة، لان آباءنا بسبب تذمرهم لم يدخلوا أرض الموعد بل ابناؤهم، ولهذه الخطيئة قتلت الافاعي نحو سبعين ألفا من شعبنا، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته ان من يسرق الشرف يستحق عقوبة أعظم ممن يسرق رجلا ماله وحياته، ومن يصغي الى المتذمر فهو مذنب أيضا لأن أحدهما يقبل الشيطان بلسانه والآخر من أذنيه، فلما سمع الفريسيون هذا احتدموا غيظا لأنهم لم يقدروا أن يخطئوا خطابه، فدنا حينئذ أحد العلماء من يسوع: أيها المعلم الصالح قل لي لماذا لم يهب الله أبوينا حنطة وثمرا، فانه اذا كان يعلم انه لا بد من سقوطهما فمن المؤكد أنه كان يجب أن يسمح لهما بالحنطة أو أن لا يرياهما، أجاب يسوع: انك أيها الرجل تدعوني صالحا ولكنك تخطئ لأن الله وحده هو الصالح، وانك لاكثر خطأ في سؤالك لماذا لا يفعل الله حسب دماغك، ولكن اجيبك عن كل شيء، فأفيدك اذا ان الله خالقنا لا يوفق في عمله نفسه لنا، لذلك لا يجوز للمخلوق أن يطلب طريقه وراحته بل بالحري مجد الله خالقه ليعتمد المخلوق على الخالق لا الخالق على المخلوق، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته لو وهب الله كل شيء لما عرف الانسان نفسه انه عبد الله ولكان حسب نفسه سيد الفردوس، لذلك نهاه الله المبارك الى الابد، الحق أقول لكم ان كل من كان نور عينيه جليا يرى كل شيء جليا يستخرج من الظلمة نفسها نورا، ولكن الأعمى لا يفعل هكذا، لذلك أقول لو لم يخطئ الانسان لما علمت أنا ولا أنت رحمة الله وبره، ولو خلق الله الانسان غير قادر على الخطيئة لكان ندا لله في ذلك الامر، لذلك خلق الله المبارك الانسان صالحا وبارا ولكنه حر أن يفعل ما يريد من حيث حياته وخلاصه لنفسه أو لعنته، فلما سمع العالم هذا اندهش وانصرف مرتبكا.

الفصل الخامس والخمسون بعد المئة

     حينئذ دعا رئيس الكهنة سرا كاهنين شيخين وأرسلهم الى يسوع الذي كان قد خرج من الهيكل وكان جالسا في رواق سليمان منتظرا ليصلي صلاة الظهيرة، وكان بجانبه تلاميذه مع جم غفير من الشعب، فاقترب الكاهنان من يسوع وقالا: لماذا أكل الانسان حنطة وثمرا؟، هل أراد الله أن يأكلهما أم لا؟، وإنما قالا هذا ليجرباه، لأنه لو قال: أن الله أراد ذلك لأجابا: لماذا نهى عنها؟، وإذا قال: أن الله لم يرد ذلك يقولان : ان للانسان قوة أعظم من الله لأنه يعمل ضد ارادة الله، أجاب يسوع: ان سؤالكما كطريق في جبل ذو جرف عن اليمين وعن اليسار ولكن أسير في الوسط، فلما سمع الكاهنان ذلك تحيرا لأنهما أدركا أن يسوع قد فهم قلبيهما، ثم قال يسوع: لما كان كل انسان محتاجا كان يعمل كل شيء لأجل منفعته، ولكن الله الذي لا يحتاج الى شيء عمل بحسب مشيئته، لذلك لما خلق الانسان خلقه حرا ليعلم أن ليس لله حاجة اليه، كما يفعل الملك الذي يعطى حرية لعبيده ليظهر ثروته وليكون عبيده أشد حبا له، اذا قد خلق الله الانسان حرا لكي يكون أشد حبا لخالقه وليعرف جوده، لأن الله وهو قادر على كل شيء غير محتاج الى الانسان فانه اذ خلقه بقدرته على كل شيء تركه حرا بجوده على طريقة يمكنه معها مقاومة الشر وفعل الخير، وان الله على قدرته على منع الخطيئة لم يرد أن يضاد جوده ( اذ ليس عند الله تضاد) فلما عملت قدرته على كل شيء وجوده (عملهما) في الانسان لم يقاوم الخطيئة في الانسان لكي تعمل في الانسان رحمة الله وبره، وآية صدقي هي أن أقول لكما أن رئيس الكهنة قد أرسلكما لتجرباني وهذا هو ثمر كهنوته، فانصرف الشيخان وقصا كل شيء على رئيس الكهنة الذي قال: ان وراء ظهر هذا الشخص الشيطان الذي يلقنه كل شيء، لأنه يطمح الى ملكية اسرائيل، ولكن الامر في ذلك لله.

الفصل السادس والخمسون بعد المئة

     ولما اجتاز يسوع من الهيكل بعد ان صلى صلاة الظهيرة وجد أكمها، فسأله تلاميذه قائلين: أيها المعلم من أخطأ في هذا الانسان حتى ولد اعمى أبوه أم امه؟، أجاب يسوع: لا أبوه أخطأ فيه ولا امه، ولكن الله خلقه هكذا شهادة للانجيل، وبعد ان دعا الأكمة اليه تفل على الارض وصنع طينا ووضعه على عيني الاكمه، وقال له: اذهب الى بركة سلوام واغتسل، فذهب الاكمه ولما اغتسل أبصر، فبينما كان راجعا الى البيت قال كثيرون من الذين التقوا به: لو كان هذا الرجل أعمى لقلت بكل تأكيد انه هو الذي كان يجلس على الباب الجميل من الهيكل، وقال آخرون: انه هو ولكن كيف أبصر؟، فسألوه قائلين: هل أنت الاكمه الذي كان يجلس على الباب الجميل من الهيكل؟، أجاب: اني انا هو ولماذا؟، قالوا: كيف نلت بصرك؟، أجاب: ان رجلا صنع طينا تافلا على الارض ووضع هذا الطين على عيني؟، وقال لي: اذهب واغتسل في بركة سلوام، فذهبت واغتسلت فصرت الان أبصر، تبارك إله إسرائيل، ولما عاد الرجل الذي كان أكمه إلى الباب الجميل من الهيكل امتلأت اورشليم كلها بالخبر، لذلك احضر الى رئيس الكهنة الذي كان يأتمر مع الكهنة والفريسيين على يسوع فسأله رئيس الكهنة قائلا: هل ولدت أعمى أيها الرجل؟، أجاب: نعم، فقال رئيس الكهنة: الا فأعط مجدا لله واخبرنا أي نبي ظهر لك في الحلم وأنالك نورا؟، أهو أبونا ابراهيم أم موسى خادم الله أم نبي آخر؟، لأن غيرهم لا يقدر أن يفعل شيئا نظير هذا؟ فأجاب الرجل الذي ولد أعمى: اني لم أر في حلم ولم يشفني لا ابراهيم ولا موسى ولانبي آخر؟، ولكن بينا أنا جالس على باب الهيكل ادناني رجل اليه، وبعد ان صنع طينا من تراب بتفله وضع بعضا من ذلك الطين على عيني وأرسلني الى بركة سلوام لأغتسل، فذهبت واغتسلت وعدت بنور عيني، فسأله رئيس الكهنة عن اسم ذلك الرجل، فأجاب الرجل الذي ولد أعمى: انه لم يذكر لي اسمه، ولكن رجلا رآه ناداني وقال: اذهب واغتسل كما قال ذلك الرجل، لأن يسوع الناصري نبي إله اسرائيل وقدوسه، فقال حينئذ رئيس الكهنة: لعله أبرأك اليوم أي السبت ؟ ، أجاب الأعمى: انه أبرأني اليوم، فقال رئيس الكهنة : انظروا الآن كيف ان هذا الرجل خاطئ لأنه لا يحفظ السبت!

الفصل السابع والخمسون بعد المئة

     أجاب الأعمى: لست أعلم أخاطئ هو أم لا، إنما اعلم هذا هو أني أعمى فأراني ، فلم يصدق الفريسيون هذا ، لذلك قالوا لرئيس الكهنة : أرسل وادع أباه وامه لأنهما يقولان لنا الصدق ، فدعوا أبا الرجل الأكمه وامه ، فلما حضرا سألهما رئيس الكهنة قائلا: هل هذا الرجل ابنكما ؟ ، أجابا: انه ابننا حقا، فقال حينئذ رئيس الكهنة: يقول انه ولد أعمى والآن يبصر فكيف حدث هذا الشيء؟، أجاب أبو الرجل الذي ولد أعمى وامه: انه ولد حقا أعمى ولكن لا نعلم كيف نال النور، هو كامل السن اسألوه يقل لكم الصدق، فصرفوهما وعاد الرئيس فقال للرجل الذي ولد أعمى: أعط مجد لله وقل الصدق ـ وكان أبو الرجل وأمه خائفين أن يتكلما، لانه صدر أمر من مجلس الشيوخ الروماني انه لا يجوز لانسان أن يتحزب ليسوع نبي اليهود والا فالعقاب الموت، وهو أمر استصدره الوالي، لذلك قالا: هو كامل السن اسألوه ـ فقال حينئذ رئيس الكهنة للرجل الذي ولد أعمى أعط مجدا لله قل الصدق لأننا نعلم ان هذا الرجل الذي تقول انه شفاك خاطئ، أجاب الرجل الذي ولد أعمى: لست أعلم أخاطئ هو إنما أعلم هذا اني كنت لا أبصر فأناراني، ومن المؤكد انه منذ ابتداء العالم حتى هذه الساعة لم ينر أكمه، والله لا يصيخ السمع الى الخطأة، قال الفريسيون: ماذا فعل لما أنارك، حينئذ تعجب الرجل الذي ولد أعمى من عدم ايمانهم وقال: لقد أخبرتكم فلماذا تسألونني أيضا، أتريدون أنتم أن تصيروا تلاميذ له؟، فوبخه حينئذ رئيس الكهنة قائلا: انك ولدت بجملتك في الخطيئة أفتريد أن تعلمنا؟، أغرب وصر أنت تلميذا لهذا الرجل، أما نحن فاننا تلاميذ موسى ونعلم ان الله كلم موسى، أما هذا الرجل فلا نعلم من أين هو، فأخرجوه من المجمع والهيكل ونهوه عن الصلاة مع الطاهرين بين اسرائيل .
الفصل الثامن والخمسون بعد المئة

     وذهب الرجل الذي ولد أعمى ليجد يسوع، فعزاه قائلا: انك لم تبارك في زمن ما كما أنت الآن، لأنك مبارك من إلهنا الذي تكلم على لسان داود أبينا ونبيه في اخلاء العالم قائلا: (هم يلعنون وأنا ابارك)، وقال على لسان ميخا النبي: ( اني ألعن بركتك)، لأن التراب لا يضاد الهواء ولا الماء النار ولا النور الظلام ولا البرد الحرارة ولا المحبة البغضاء كما تضاد ارادة الله ارادة العالم، فسأله لذلك التلاميذ قائلين: ما أعظم كلامك أيها السيد، فقل لنا المعنى لأننا حتى الآن لم نفهم، أجاب يسوع: متى عرفتم العالم ترون أني قلت الحق، وهكذا ستعرفون الحق في كل نبي، فاعلموا اذا أن هناك ثلاثة أنواع من العوالم متضمنة في اسم واحد، الاول يشير الى السموات والارض مع الماء والهواء والنار وكل الأشياء التي هي دون الانسان فيتبع هذا العالم في كل شيء ارادة الله كما يقول داود: ( لقد أعطاها الله امرا لا تتعداه)، الثاني يشير الى كل بشر كما ان بيت فلان لا يشير الى الجدران بل الى الاسرة، فهذا العالم يحب الله أيضا، لأنهم بالطبيعة يتوقون الى الله قدر ما يستطيع كل أحد بحسب الطبيعة الى الله وان ضلوا في طلب الله، أفتعلمون لماذا يتوق الجميع الى الله؟، لأنهم لا يتوقون جميعا الى صلاح غير متناه بدون أدنى شر، وهذا هو الله وحده، لذلك أرسل الله الرحيم أنبياءه الى هذا العالم لخلاصه، أما الثالث فهو حال سقوط الانسان في الخطيئة التي تحولت الى شريعة مضادة خالق العالم، فهذا يصيِّر الانسان نظير الشياطين أعداء الله، فماذا تظنون ـ وهذا العالم يكرهه الله كرها شديدا ـ فما مصير الانبياء لو أحبوا هذا العالم؟، حقا ان الله ليأخذ منهم نبوتهم، وماذا أقول؟، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته لو خامر رسول الله حب هذا العالم الشرير متى جاء اليه لأخذ الله منه بالتأكيد كل ما وهبه عند خلقه وجعله منبوذا، لأن الله بهذا المقدار مضاد للعالم.

الفصل التاسع والخمسون بعد المئة

      أجاب التلاميذ: يا معلم ان كلامك لعظيم جدا فارحمنا لأننا لا نفهمه، قال يسوع: أيخيل لكم أن الله قد خلق رسوله ليكون ندا له يريد أن يجعل نفسه مساويا لله؟، كلا ثم كلا، بل عبده الصالح الذي لا يريد مالا يريده الله، انكم لا تقدرون أن تفقهوا هذا لانكم لا تعرفون ما هي الخطيئة، فأصيخوا السمع لكلامي، الحق الحق أقول لكم ان الخطيئة لا يمكن أن تنشأ في إنسان إلا مضادة لله، إذ ليست الخطيئة الا ما لا يريده الله، فإن كل ما يريده اجنبي عن الخطيئة، فلو اضطهدني رؤساء الكهنة والكهنة مع الفريسيين لأن شعب اسرائيل دعاني إلها لفعلوا شيئا يرضى به الله ولكافأهم الله، ولكن الله مقتهم لأنهم يضطهدونني لسبب مضاد وهو انهم لا يريدون أن أقول الحق، وكم قد افسدوا بتقليدهم كتاب موسى وكتاب داود نبي الله وخليليه وانهم لهذا يكرهونني ويودون موتي، ان موسى قتل ناسا وأخاب قتل ناسا قولوا لي أيعد هذا قتلا من كليهما؟، لا البتة، لأن موسى قتل الناس ليبيد عبادة الاصنام وليبقي على عبادة الإله الحقيقي، ولكن أخاب قتل ناسا ليبيد عبادة الإله الحقيقي وليبقى على عبادة الأصنام، لذلك تحول قتل موسى للناس ضحية على حين تحول قتل أخاب تدنيسا، فان ذات العمل الواحد أحدث نتيجتين متضادتين، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته لو كلم الشيطان الملائكة ليرى كيف أحبوا الله لما رذله الله، ولكنه منبوذ لأنه حاول أن يبعدهم عن الله ، حينئذ أجاب الذي يكتب: فكيف يجب اذا أن يفهم ما قيل في ميخا النبي بشأن الكذب الذي أمر الله الانبياء الكذبة أن يتفوهوا به كما هو مكتوب في كتاب ملوك اسرائيل؟، أجاب يسوع: اتل يا برنابا بالاختصار كل ما حدث لترى الحق جليا.

الفصل الستون بعد المئة

     حينئذ قال الذي يكتب: ان دانيال النبي لما وصف تاريخ ملوك اسرائيل وطغاتهم كتب هكذا: ( اتحد ملك اسرائيل مع ملك يهوذا ليحاربا بني بلعال (أي المنبوذين) الذين كانوا العمونيين، ولما كان يهوشافاط ملك يهوذا وأخاب ملك اسرائيل جالسين كلاهما على عرش في السامرة وقف أمامهم أربع مئة نبي كذاب، فقالوا لملك اسرائيل: (اصعد ضد العمونيين لأن الله سيدفعهم الى يديك وستبدد عمون)، حينئذ قال يهوشافاط: ( هل يوجد نبي هنا لإله ابائنا؟)، أجاب أخاب: (يوجد واحد فقط وهو شرير لأنه دائما يتنبأ بالشر عليّ، ولقد وضعته في السجن) ـ وهو إنما قال ((يوجد واحد فقط)) لان كل الذين وجدوا قتلوا بأمر أخاب، حتى ان الانبياء كما قلت يا معلم هربوا الى رؤوس الجبال حيث لا يسكن بشر ـ ، حينئذ قال يهوشافاط: (احضره الى هنا ولنر ما يقول)، لذلك أمر أخاب أن يحضر ميخا الى هنا، فأتى بقود في رجليه ووجهه مضطرب كشخص يعيش بين الموت والحياة، فسأله قائلا: (تكلم يا ميخا باسم الله أنصعد ضد العمونيين أيدفع الله مدنهم الى أيدينا؟)، أجاب ميخا: (اصعد اصعد لأنك ستصعد مفلحا وتنزل أشد فرحا!)، حينئذ أطرى الانبياء الكذبة ميخا قائلين: ( انه نبي صادق لله) وكسروا القيود من رجليه، أما يهوشافاط الذي يخاف إلهنا ولم يحن ركبتيه قط للأصنام فسأل ميخا قائلا: (قل الحق يا ميخا اكراما لاله آبائنا كما رأيت عقبى هذه الحرب)، أجاب ميخا: ( إني لأخشى وجهك يا يهوشافاط لذلك أقول لك إني رأيت شعب اسرائيل كغنم لا راعي لها)، حينئذ قال أخاب مبتسما ليهوشافاط: (لقد اخبرتك إن هذا الرجل لا يتنبأ الا بسوء ولكنك لم تصدق ذلك)، فقال حينئذ كلاهما: (كيف تعلم هذا يا ميخا؟)، أجاب ميخا: ((خيل لي أن قد التأمت ندوة من الملائكة في حضرة الله، وسمعت الله يقول هكذا: (من يغوى أخاب ليصعد ضد عمون ويقتل)، فقال واحد شيئا وقال آخر شيئا آخر، ثم أتى ملاك فقال: (يا رب أنا أحارب أخاب فاذهب الى أنبيائه الكذبة والقي كذبا في أفواههم وهكذا يصعد ويقتل)، فلما سمع الله هذا قال: (اذهب وافعل هكذا فانك تفلح) ))، فحنق حينئذ الانبياء الكذبة، فصفع رئيسهم خد ميخا قائلا: (يا منبوذ الله متى عبر لك ملاك الحق من عندنا وجاء اليك، قل لنا متى جاء الينا الملاك الذي حمل الكذب؟)، أجاب ميخا: (انك ستعرف متى هربت من بيت الى بيت خوفا من القتل انك قد أغويت ملكك)، فتغيظ حينئذ أخاب وقال: (امسكوا ميخا وضعوا القيود التي كانت في رجليه على عنقه واقتصروه على خبز الشعير  والماء الى حين عودتي، لأني لا أعرف الآن بأية ميتة انكل به)، فصعدوا وتم الامر حسب كلمة ميخا، لأن ملك العمونيين قال لخدمه: ( احذروا أن تحاربوا ملك يهوذا أو عظماء اسرائيل بل اقتلوا عدوي أخاب ملك اسرائيل))، حينئذ قال يسوع قف هنا لأنه يكفي هذا لغرضنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارحب بالجميع فط راسلنى على البريد التالي :
nooral7q@gmail.com