بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 أبريل 2012

الجزء الثامن




الفصل الحادي والسبعون

      ولما بلغ يسوع بلاده ذاع في جهة الجليل كلها ان يسوع النبي قد جاء الى الناصرة، فتفقدوا عندئذ المرضى بجد وأحضروهم اليه متوسلين اليه أن يلمسهم بيديه، وكان الجمع غفيرا جدا حتى ان غنيا مصابا بالشلل لما لم يمكن ادخاله في الباب حمل الى سطح البيت الذي كان فيه يسوع وأمر القوم برفع السقف ودلى على ملاء امام يسوع، فتردد يسوع دقيقة ثم قال: لا تخف أيها الاخ لأن خطاياك قد غُفرت لك، فاستاء كل أحد لسماع هذا وقالوا: من هذا الذي يغفر الخطايا؟ ، فقال حينئذ يسوع: لعمر الله اني لست بقادر على غفران الخطايا ولا أحد آخر ولكن الله وحده يغفر،ولكن كخادم لله أقدر أن أتوسل اليه لأجل خطايا الآخرين، لهذا توسلت اليه لأجل هذا المريض واني موقن بأن الله قد استجاب دعائي، ولكي تعلموا الحق أقول لهذا الانسان: باسم إله آبائنا إله ابراهيم وأبنائه قم معافى، ولما قال يسوع هذا قام المريض معافى ومجد الله، حينئذ توسل العامة الى يسوع ليتوسل الى الله لأجل المرضى الذين كانوا خارجا، فخرج حينئذ يسوع اليهم ثم رفع يديه وقال: أيها الرب إله الجنود الإله الحي الإله الحقيقي الإله القدوس الذي لا يموت ألا فارحمهم، فأجاب كل أحد: آمين، وبعد ان قيل هذا وضع يسوع يديه على المرضى فنالوا جميعهم صحتهم، فحينئذ مجدوا الله قائلين: لقد افتقدنا الله بنبيه فان الله أرسل لنا نبيا عظيما.
                   
الفصل الثاني والسبعون

     وفي الليل تكلم يسوع سرا مع تلاميذه قائلا: الحق أقول لكم ان الشيطان يريد أن يغربلكم كالحنطة، ولكني توسلت الى الله لأجلكم فلا يهلك منكم الا الذي يلقى الحبائل لي وهو إنما قال هذا عن يهوذا لأن الملاك جبريل قال له كيف كانت ليهوذا يد مع الكهنة وأخبرهم بكل ما تكلم به يسوع، فاقترب الذي يكتب هذا الى يسوع بدموع قائلا: يا معلم قل لي من هو الذي يسلمك؟ ، أجاب يسوع قائلا: يا برنابا ليست هذه الساعة هي التي تعرفه فيها ولكن يعلن الشرير نفسه قريبا لاني سأنصرف عن العالم، فبكى حينئذ الرسل قائلين: يا معلم لماذا تتركنا لأن الاحرى بنا أن نموت من أن تتركنا، أجاب يسوع: لا تضطرب قلوبكم ولا تخافوا، لأني لست أنا الذي خلقكم بل الله الذي خلقكم يحميكم، أما من خصوصي فاني قد أتيت لأهيِّء الطريق لرسول الله الذي سيأتي بخلاص العالم، ولكن احذروا أن تغشوا لأنه سيأتي أنبياء كذبة كثيرون يأخذون كلامي وينجسون انجيلي، حينئذ قال اندراوس: يا معلم اذكر لنا علامة لنعرف، أجاب يسوع: انه لا يأتي في زمنكم بل يأتي بعدكم بعدة سنين حينما يبطل انجيلي ولا يكاد يوجد ثلاثون مؤمنا، في ذلك الوقت يرحم الله العالم فيرسل رسوله الذي تستقر على رأسه غمامة بيضاء يعرفه أحد مختاري الله وهو سيظهره للعالم، وسيأتي بقوة عظيمة على الفجار ويبيد عبادة الاصنام من العالم، وأني أسر بذلك لأنه بواسطته سيعلن ويمجد الله ويظهر صدقي، وسينتقم من الذين سيقولون أني أكبر من انسان، الحق أقول لكم أن القمر سيعطيه رقادا في صباه ومتى كبر هو أخذه كفيًّه، فليحذر العالم أن ينبذه لأنه سيفتك بعبدة الاصنام، فان موسى عبد الله قتل أكثر من ذلك كثيرا ولم يبق يشوع على المدن التي أحرقوها وقتلوا الاطفال، لأن القرحة المزمنة يستعمل لها الكي، وسيجيء بحق أجلى من سائر الأنبياء وسيوبخ من لايحسن السلوك في العالم، وستحيِّي طربا ابراج مدينة آبائنا بعضها بعضا، فمتى شوهد سقوط عبادة الاصنام الى الارض واعترف بأني بشر كسائر البشر فالحق أقول لكم ان نبي الله حينئذ يأتي.

الفصل الثالث والسبعون

     الحق أقول لكم انه اذا حاول الشيطان أن يعرف هل أنتم اخلاء الله وتمكن من بلوغ مأربه منكم فانه يسمح لكم أن تسيروا بحسب أهوائكم اذ لا يهاجم أحد مدنه، ولكن لما كان يعلم انكم أعداؤه فسيستعمل كل عنف ليهلككم، ولكن لا تخافوا فانه سيقاومكم ككلب مربوط لأن الله قد سمع صلاتي، أجاب يوحنا: يا معلم أخبرنا كيف يقف المجرب القديم بالمرصاد للانسان ليس لأجلنا نحن فقط بل لأجل الذين سيؤمنون بالانجيل أيضا أجاب يسوع: ان ذلك الشرير يجرب بأربع طرق، الاولى عندما يجرب هو نفسه بالافكار، الثانية عندما يجرب بالكلام والاعمال بواسطة خدمه، الثالثة عندما يجرب بالتعليم الكاذب، الرابعة عندما يجرب بالتخييل الكاذب، اذا يجب على البشر أن يحاذروا كثيرا ولا سيما لأن له عونا من جسد الانسان الذي يحب الخطيئة كما يحب المحموم الماء، الحق أقول لكم انه اذا خاف الانسان الله انتصر على كل شيء كما يقول داود نبيه: (سيسلمك الله الى عناية ملائكته الذين يحفظون طرقك لكيلا يعثرك الشيطان، يسقط ألف عن شمالك وعشرة آلاف عن يمينك لكيلا يقربوك، ووعد أيضا إلهنا بمحبة عظيمة على لسان داود المذكور أن يحفظنا قائلا: ( اني أمنحك فهما يثقفك وكيفما سلكت في طرقك أجعل عيني تقع عليك) ولكن ماذا أقول؟ ، لقد قال على لسان اشعيا: (أتنسى الام طفل رحمها؟ ولكن أقول لك ان هي نسيت فاني لا أنساك، اذا قولوا لي من يخاف الشيطان اذا كانت الملائكة حراسه والله الحي حاميه؟ ، ومع ذلك فمن الضروري كما يقول النبي سليمان أن: (تسعد أنت يابني الذي صرت تخاف الله للتجاربالحق أقول لكم انه على الانسان أن يحتذي مثال الصيرفي الذي يتحرى النقود ممتحنا أفكاره لكيلا يخطيء الى خالقه.
                   
الفصل الرابع والسبعون

     كان ولا يزال في العالم قوم لا يبالون بالخطيئة وإنما هم لعلى أعظم ضلال، قولوا لي كيف أخطأ الشيطان؟ ، انه أخطأ لمجرد الفكر بأنه أعظم شأنا من الانسان، وأخطأ سليمان لأنه فكر في أن يدعو كل خلائق الله لوليمة فأصلحت خطأه سمكة اذ أكلت كل ما كان قد هيأه ، لذلك لم يكن بلا باعث ما يقول داود أبونا: ( استعلاء الانسان في نفسه يهبط به في وادي الدموع) لذلك ينادي الله على لسان اشعيا نبيه قائلا: ( ابعدوا أفكاركم الشريرة عن عيني) ولأي غاية يرمي سليمان اذ يقول: ( احفظ قلبك كل الحفظ)  لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته يقال كل شيء في الافكار الشريرة التي تكون باعثا على ارتكاب الخطيئة لأنه لا يمكن ارتكاب الخطيئة بدون فكر، ألا قولوا لي متى غرس الزارع الكرم الا يزرع النبات على عمق غائر؟ ، بلى، وهكذا يفعل الشيطان الذي اذا زرع الخطيئة لا يقف عند العين أو الاذن بل يتعدى الى القلب الذي هو مستقر الله، كما تكلم على لسان موسى عبده قائلا:)  اني أسكن فيهم ليسيروا في شريعتي) ألا قولوا لي اذا عهد اليكم هيرودس الملك لتحفظوا بيتا ودّ سكناه أتبيحون لبلاطس عدوه أن يدخله أو يضع أمتعته فيه؟ ، كلا ثم كلا، فبالحري يجب عليكم ألا تبيحوا للشيطان أن يدخل قلوبكم أو يضع أفكاره فيها، لأن الله أعطاكم قلبكم لتحفظوه وهو مسكنه، لا حظوا اذا كيف ان الصيرفي ينظر في النقود هل صورة قيصر صحيحة وهل الفضة صحيحة أم كاذبة وهل هي من العيار المعهود، لذلك يقلبها كثيرا في يده، أيها العالم المجنون ما أحكمك في شغلك حتى انك في اليوم الاخير توبخ وتحكم على خدم الله بالاهمال والتهاون لأن خدمك دون ريب أحكم من خدم الله! ، قولوا لي اذا من يمتحن فكرا كما يمتحن الصيرفي قطعة نقود فضية؟ ، لا أحد مطلقا
                   
 
الفصل الخامس والسبعون

      حينئذ قال يعقوب: يا معلم كيف يكون امتحان الفكر شبيها بامتحان قطعة نقود؟ ، أجاب يسوع: ان الفضة الجديدة في الفكر إنما هي التقوى لأن كل فكر عار من التقوى يأتي من الشيطان، والصورة الصحيحة إنما هي قدوة الأطهار والأنبياء التي يجب علينا اتباعها، وزنة الفكر إنما هي محبة الله التى يجب أن يعمل بموجبها كل شيء، ولذلك يأتي العدو إلى هناك بأفكار تنافي التقوى جيرانكم مطابقة للعالم ليفسد الجسد وللمحبة العالمية ليفسد محبة الله، أجاب برتولومايوس: يا معلم كيف نفكر قليلا حتى لا نقع في التجربة؟ ، أجاب يسوع: يلزمكم شيئان، الاول أن تتمرنوا كثيرا، والثاني أن تتكلموا قليلا، لأن الكسل مرحاض يتجمع فيه كل منكر نجس، والاكثار من التكلم اسفنجة تلتقط الآثام، فيلزم أن لا يكون عملكم قاصر على تشغيل الجسد فقط بل يجب أن تكون النفس أيضا مشتغلة بالصلاة، لأنه يجب أن لا تنقطع عن الصلاة أبدا، اني اضرب لكم مثلا: كان رجل سيئ الاداء فلذلك لم يقبل أحد من الذين يعرفونه أن يحرث حقوله، فقال قول الشرير:  ( اني أذهب الى السوق لأجد قوما كسالى بطالين فيجيئون ليحرثوا كرميفخرج هذا الرجل من بيته ووجد كثيرين من الغرباء البطالين المفاليس، فكلم هؤلاء وقادهم الى كرمه، أما الذين كانوا قد عرفوه واشتغلوا معه قبلا فلم يذهب منهم أحد الى هناك، فالذي يسئ الاداء هو الشيطان، لأنه يعطى شغلا فيكون جزاء الانسان في خدمته النيران الابدية، فهو لذلك قد خرج من الجنة ويجول باحثا عن فعلة، وهو إنما يأخذ لعمله الكسالى أيا كانوا على الخصوص الذين لا يعرفونه، ولا يكفي مطلقا للهرب من الشر أن يعرفه الانسان لينجو منه بل يجب فعل الصالحات للتغلب عليه.
الفصل السادس والسبعون

     اني أضرب لكم مثلا ، كان لرجل ثلاثة كروم أجَرها لثلاثة كرَامين ، ولما لم يعرف الاول كيف يحرث الكرم لم يخرج الكرم سوى أوراق ، أما الثاني فعلَّم الثالث كيف يجب أن تحرث الكروم ، فأصغى لكلماته وحرث كرمه كما أرشده فأتى كرم الثالث بثمر كثير ، ولكن الثاني اهمل حراثة كرمه صارفا وقته في التكلم فقط ، فلما حان الوقت لدفع الاجرة لصاحب الكرم قال الاول : ( يا سيد اني لا اعرف كيف يحرث كرمك لذلك لم يكن لي ثمر هذه السنة ) ، فأجاب السيد : ( يا غبي هل تسكن العالم وحدك حتى انك لم تستشر كرامي الثاني الذي يعرف جيدا كيف تحرث الارض ؟ فيتحتم عليك أداء حقي ) ، ولما قال هذا حكم عليه بالاشتغال في السجن الى ان يدفع لسيده الذي رحم غرارته فأطلقه قائلا ( انصرف فاني لا اريد أن تشتغل بعد في كرمي ويكفيك أن اعطيك دينك ) ، وجـاء الثاني الذي قال له السيد :  ( مرحبا بكرامي أين الثمار التي أنت مديون لي بها ، ومن المؤكد انك لما كنت تعلم جيدا كيف تهذب الكروم فلا بد أن يكون الكرم الذي أجرتك اياه قد أتى بثمار كثيرة ) ، فأجاب الثاني : ( يا سيد ان كرمك آخذ في الانحطاط لأني لم اشذب الشجر ولا حرثت الارض والكرم لم يأت بثمر فلذلك لا أقدر أن ادفع لك ) ، ثم دعا السيد الثالث وقال له بانذهال : ( لقد قلت لي ان هذا الرجل الذي أجرته الكرم الثاني قد أتم تعليمك حراثة الكرم الذي أجرتك اياه، فكيف يمكن أن لا يأتي الكرم الذي أجرته اياه هو بثمر مع ان التربة واحده ؟ ) أجاب الثالث : ( يا سيد ان الكرم لا يحرث بالكلام فقط بل على من يريد استئجاره أن ينضح منه كل يوم عرق قميص ، وكيف يأتي أيها السيد كرم كرامك بثمر وهو لا يفعل سوى اضاعة الوقت بالكلام ؟ ، ولا ريب أيها السيد في أنه لو عمل ما قال لأعطاك اجرة الكرم لخمس سنين لأني أنا الذي لا أقدر على الكلام كثيرا أعطيتك اجرة سنتين) فحنق السيد وقال للكرام بازدراء: ( اذا أنت قد عملت عملا عظيما بعدم زبر الاشجار وتمهيد الكرم فلك اذا علي جزاء عظيم ! ) ، ثم دعا خدمه وأمر بضربه بدون رحمة، ثم وضعه في السجن تحت سيطرة خادم جاف كان يضربه كل يوم، ولم يرد مطلقا أن يطلقه لأجل شفاعة أصدقائه

الفصل السابع والسبعون

      الحق أقول لكم أن كثيرين سيقولون لله يوم الدينونة: (( يا رب لقد بشرنا وعلَّمنا بشريعتك )) ، ولكن الحجـارة نفسها ستصرخ ضدهم قائلة : (( لما كنتم قد بشرتم الآخرين فبلسانكم قد اذنتم أنفسكم يا فاعلي الاثم)) ، قال يسوع : لعمر الله ان من يعرف الحق ويفعل عكسه يعاقب عقابا أليما حـتى تكاد الشياطين ترثي له ، الا قولوا لي أللعلم أم العمل أعطانا الله الشريعة ؟ ، الحق أقول لكم ان غاية كل علم هي تلك الحكمة التي تفعل كل ما تعلم، قولوا لي اذا كان أحد جالسا على المائدة  ورأى بعينيه طعاما شهيا ولكنه اختار بيديه أشياء قذرة فأكلها ألا يكون مجنونا؟ ، فقال التلاميذ: بلى البتة، حينئذ قال يسوع: انك لأنت أشد جنونا من كل المجانين أيها الانسان الذي تعرف السماء بادراكك وتختار الارض بيديك، الذي تعرف الله بادراكك تشتهي العالم بهواك، الذي تعرف ملذات الجنة بادراكك وتختار بأعمالك شقاء الجحيم، انك لجندي باسل يا من تنبذ الحسام وتحمل الغمد لتحارب! ، الا تعلمون أن من يسير في الظلام يشتهي النور لا ليراه فقط بل ليرى الصراط المستقيم فيسير آمنا الى الفندق ، ما أشقاك أيها العالم الذي يجب أن يحتقر ويمقت ألف مرة لأن إلهنا أراد دائما أن يمنحه معرفة الصراط بواسطة أنبيائه الاطهار ليسير الى وطنه وراحته، ولكنك أيها الشرير لم تمتنع عن الذهاب فقط بل فعلت ما هو شر من ذلك ـ احتقرت النور، لقد صح مثل الجمل أنه لا يرغب أن يشرب من الماء الصافي لأنه لا يريد أن ينظر وجهه القبيح، هكذا يفعل الغير صالح الذي يفعل الشر، لأنه يكره النور لئلا تعرف أعماله، أما ومن يؤتى حكمة ولا يكتفي بأن لا يفعل حسنا بل يفعل شرا من ذلك بأن يستخدمها للشر فإنما يشبه من يستعمل الهبات أدوات لقتل الواهب.

الفصل الثامن والسبعون

     الحق أقول لكم ان الله لم يشفق على سقوط الشيطان ومع ذلك فقد أشفق على سقوط آدم، وكفاكم أن تعرفوا سوء حال من يعرف الخير ويفعل الشر، فقال حينئذ اندراوس: يا معلم يحسن أن ينبذ العلم خوفا من السقوط في مثل هذه الحال، أجاب يسوع: اذا كان العالم حسنا بدون الشمس والانسان بدون عينين والنفس بدون ادراك يكون عدم المعرفه اذا حسنا، الحق أقول لكم ان الخبز لا يفيد الحياة الزمنية كما يفيد العلم الحياة الأبدية، ألا تعلمون أن الله أمر بالعلم؟ لأنه هكذا يقول الله: (اسأل شيوخك يعلموك، ويقول الله عن الشريعة ( اجعل وصيتي أمام عينيك والهج بها حين تجلس وحين تمشي وفي كل حين)، فيمكنكم الان أن تعلموا اذا كان عدم العلم حسنا، ان من يحتقر الحكمة لشقي لأن لا بد أن يخسر الحياة الأبدية، فأجاب يعقوب: يا معلم نعلم ان أيوب لم يتعلم من معلم ولا ابراهيم ومع هذا فقد كانا طاهرين ونبيين ، أجاب يسوع : الحق أقول لكم ان من كان من أهل العروس لا يدعى الى العرس لأنه يسكن البيت الذي فيه العرس بل يدعى البعيدون عن البيت، أفلا تعلمون أن أنبياء الله هم في بيت  نعمة الله ورحمته، فشريعة الله ظاهرة فيهم كما يقول داود أبونا في هذا الموضوع:  ( إن شريعة إلهه في قلبه فلا يحفر طريقه)، الحق أقول لكم إن إلهنا لما خلق الانسان لم يخلقه بارا فقط بل وضع في قلبه نورا يريه انه خليق به خدمة الله، فلئن أظلم هذا النور بعد الخطيئة فهو لا ينطفئ، لأن لكل أمَّة هذه الرغبة في خدمة الله مع أنهم قد فقدوا الله وعبدوا آلهة باطلة وكاذبة، ولذلك وجب أن يعلم الانسان عن أنبياء الله لأن النور الذي يعلمهم طريق الذهاب الى الجنة وطننا بخدمة الله واضح، كما يجب أن يقاد ويداوى من في عينيه رمد.
                       
الفصل التاسع والسبعون

     أجاب يعقوب: وكيف يعلمنا الأنبياء وهم أموات، وكيف يعلم من لا معرفة له بالأنبياء؟ ، فأجاب يسوع: ان تعليمهم مدون فتجب مطالعته لأن الكتاب بمثابة نبي لك ، الحق الحق أقول لك ان من يمتهن النبوة لا يمتهن النبي فقط بل يمتهن الله الذي أرسل النبي أيضا، أما ما يختص بالامم الذين لا يعرفون النبي فاني أقول لكم انه اذا عاش في تلك الاقطار رجل يعيش كما يوحي اليه قلبه غير فاعل للآخرين ما لا يود أن يناله من الاخرين معطيا لقريبه ما يود أخذه من الاخرين فلا تتخلى رحمة الله عن مثل هذا الرجل، فلذلك يظهر له الله ويمنحه برحمته شريعته عند الموت ان لم يكن قبل ذلك، ولعله يخطر في بالكم ان الله اعطى الشريعة حبا بالشريعة، حقا ان هذا لباطل بل منح الله شريعته ليفعل الانسان حسنا حبا في الله، فاذا وجد الله انسانا يفعل حسنا حبا له أفتظنون انه يمتهنه؟ ، كلا ثم كلا بل يحبه اكثر من الذين أعطاهم الشريعة، اني أضرب لكم مثلا: كان لرجل أملاك كثيرة وكان من أملاكه أرض قاحلة لم تنبت الا أشياء لا ثمر لها، وبينما كان سائرا ذات يوم وسط هذه الارض القاحلة عثر بين هذه الانبتة غير المثمرة على نبات ذي ثمار شهية، فقال هذا الانسان حنيئذ: (كيف تأتي لهذا النبات أن يحمل هذه الثمار الشهية هنا؟ ، اني لا اريد أن يقطع ويوضع في النار مع البقية)، ثم دعا خدمه وأمرهم بقلعه ووضعه في بستانه، إني أقول لكم هكذا يحفظ إلهنا من لهب الجحيم من يفعلون برا أينما كانوا.
                        
الفصل الثمانون

     قولوا لي أسكن أيوب في غير أرض عوص بين عبدة الاصنام؟ ، وكيف يكتب موسى عن زمن الطوفان، قولوا لي، انه يقول: ( ان نوحا وجد نعمة امام الله، كان لأبينا ابراهيم أب لا ايمان له لأنه كان يصنع ويعبد الاصنام الباطلة، وسكن لوط بين شر ناس على الارض، ولقد أخذ نبوخذ نصر دانيال أسيرا وهو طفل مع حننيا وعزريا وميشائيل الذين لم يكن لهم سوى سنتين من العمر لما أسروا وربوا بين جمع من الخدم عبدة الاصنام، لعمر الله ان النار كما تحرق الاشياء اليابسة وتحولها نارا بدون تمييز بين الزيتون والسرو والنخل وهكذا يرحم إلهنا كل من يفعل برا غير مميز بين اليهودي والسكيثي واليوناني أو الاسماعيلي، ولكن لا يقف قلبك هناك يا يعقوب لأنه حيث ارسل الله النبي ترتب عليك حتما أن تنكر حكمك وتتبع النبي، لا أن تقول: (( لماذا يقول هذا؟ لماذا يأمر وينهى؟ ))، بل قل: (( هكذا يريد الله وهكذا يأمر الله))، الا ماذا قال الله لموسى لما امتهن اسرائيل موسى ؟ (( انهم لم يمتهنوك ولكنهم امتهنوني أنا))، الحق أقول لكم انه لا يجب على الانسان أن يصرف زمن حياته، في تعلم التكلم أو القراءة بل في تعلم كيف يشتغل جيدا، الا قولوا أي خادم لهيرودس لا يحاول مرضاته بأن يخدمه بكل جد، ويل للعالم الذي يحاول أن يرضي جسدا ليس سوى طين وسرقين ولا يحاول بل ينسى خدمة الله الذي خلق كل شيء المجيد الى الابد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارحب بالجميع فط راسلنى على البريد التالي :
nooral7q@gmail.com