بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 أبريل 2012

الجزء السابع


الفصل الحادي والستون

     ولما قال يسوع هذا اغتسل هو وتلاميذه طبقا لشريعة الله المكتوبة في كتاب موسى، ثم صلوا ولما رآه التلاميذ كئيبا بهذا المقدار لم يكلموه ذلك اليوم مطلقا بل لبث كل منهم جزوعا من كلامه، ثم فتح يسوع فاه بعد ((صلاة)) العشاء وقال: أي أبي أسرة ينام وقد عرف أن لصا عزم على نقب بيته؟ ، لا أحد البته، بل يسهر ويقف متأهبا لقتل اللص، أفلا تعلمون إذا أن الشيطان أسد زائر يجول طالبا من يفترسه هو، فهو يحاول أن يوقع الانسان في الخطيئة، الحق أقول لكم أن الانسان إذا تحدى التاجر لا يخاف في ذلك اليوم لأنه يكون متأهبا جيدا، كأن رجل أعطى جيرانه نقودا ليتاجروا بها ويقسم الربح على نسبة عادلة، فأحسن بعضهم التجارة حتى أنهم ضاعفوا النقود ولكن بعضهم استعمل النقود في خدمة عدو من أعطاهم النقود وتكلموا فيه بالسوء، فقولوا لي كيف تكون الحال متى حاسب المديونين ؟ ، انه ((لا)) بدون ريب يجزي أولئك الذين أحسنوا التجارة، ولكنه يشفي غيظه من الآخرين بالتوبيخ، ثم يقتص منهم بحسب الشريعة، لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته أن الجار هو الله الذي أعطى الانسان كل ماله مع الحياة نفسها، حتى أنه اذا أحسن المعيشة في هذا العالم يكون لله مجد ويكون للانسان مجد الجنة، لأن الذين يحسنون المعيشة يضاعفون نقودهم بكونهم قدوة، لأنه متى رآهم الخطاة قدوة تحولوا الى التوبة، ولذلك يجزي الذين يحسنون المعيشة جزاءا عظيما، ولكن قولوا لى ماذا يكون قصاص الخطاة الآثمة الذين بخطاياهم ينصَّفون ما أعطاهم الله بما يصرفون حياتهم في خدمة الشيطان عدو الله مجدفين على الله ومسيئين الى الآخرين؟ ، قال التلاميذ: أنه سيكون بغير حساب

الفصل الثاني والستون

     ثم قال يسوع: من يرد أن يحسن المعيشة فعليه أن يحتذي مثال التاجر الذي يقفل حانوته ويحرسه ليلا ونهارا بجد عظيم، وإنما يبيع السلع التي اشتراها التماسا للربح، لأنه لو علم أنه يخسر في ذلك لما كان يبيع حتى ولا الشقيقة، فيجب عليكم أن تفعلوا هكذا لأن نفسكم إنما هي في الحقيقة تاجر، والجسد هو الحانوت، فلذلك كان ما يتطرق اليها من الخارج بواسطة الحواس يباع ويشترى بها، والنقود هي المحبة، فانظروا اذا أن لا تبيعوا وتشتروا بمحبتكم أقل فكر لا تقدرون أن تصيبوا منه ربحا، بل ليكن الفكر والكلام والعمل جميعا لمحبة الله، لأنكم بهذا تجدون أمنا في ذلك اليوم، الحق أقول لكم أن كثيرين يغتسلون ويذهبون للصلاة، وكثيرون يصومون ويتصدقون، وكثيرون يطالعون ويبشرون الآخرين، وعاقبتهم ممقوتة عند الله، لأنهم يطهرون الجسد لا القلب، ويصرخون بالفم لا بالقلب، يمتنعون عن اللحوم ويملؤون أنفسهم بالخطايا، يهبون الآخرين أشياء غير نافعة لهم أنفسهم ليظهروا بمظهر الصلاح، يطالعون ليعرفوا كيف يتكلمون لا يعملون، ينهون الآخرين عن الأشياء التي يفعلونها هم أنفسهم، وهكذا يدانون بألسنتهم، لعمر الله أن هؤلاء لا يعرفون الله بقلوبهم، لأنهم لو عرفوه لأحبوه، ولما كان كل ما للانسان هبة من الله كان عليه أن يصرف كل شيء في محبة الله

الفصل الثالث والستون

     وبعد أيام مر يسوع بجانب مدينة للسامريين فلم يأذنوا له أن يدخل المدينة ولم يبيعوا خبزا لتلاميذه، فقال يعقوب ويوحنا عندئذ: يا معلم ألا تريد أن تضرع الى الله ليرسل نارا من السماء على هؤلاء الناس؟ ، أجاب يسوع: انكم لا تعلمون أي روح يدفعكم لتتكلموا هكذا، اذكروا أن الله عزم على اهلاك نينوى لأنه لم يجد أحدا يخاف الله في تلك المدينة التي بلغ من شرها أن دعا الله يونان النبي ليرسله الى تلك المدينة، فحاول الهروب الى طرسوس خوفا من الشعب، فطرحه الله في البحر، فابتلعته سمكة وقذفته على مقربة من نينوى، فلما بشر هناك تحول الشعب الى التوبة، فرأف الله بهم، ويل للذين يطلبون النقمة لأنها إنما تحل بهم، لأن كل إنسان يستحق نقمة الله، ألا فقولوا لي هل خلقتم هذه المدينة مع هذا الشعب؟ إنكم لمجانين؟ ، كلا ثم كلا، اذ لو اجتمعت الخلائق جميعها لما أتيح لها أن تخلق ذبابة واحدة جديدة من لا شيء وهذا هو المراد بالخلق، فاذا كان الله المبارك الذي خلق هذه المدينة يعولها فلماذا تودون هلاكها، لماذا لم تقل: أتريد يا معلم أن نضرع للرب إلهنا أن يتوجه هذا الشعب للتوبة؟ ، حقا ان هذا لهو العمل الجدير بتلميذ لي أن يضرع الى الله لاجل الذين يفعلون شرا، هكذا فعل هابيل لما قتله أخوه قايين الملعون من الله، وهكذا فعل ابراهيم لفرعون الذي أخذ منه زوجته، فلذلك لم يقتله ملاك الرب بل ضربه بمرض، وهكذا فعل زكريا لما قتل في الهيكل بأمر الملك الفاجر، وهكذا فعل أرميا واشعيا وحزقيال ودانيال وداود وجميع اخلاء الله والانبياء الاطهار، قولوا لى اذا أصيب أخ بجنون أتقتلونه لانه تكلم سوءا وضرب من دنا منه؟ ، حقا انكم لاتفعلون هكذا بل بالحري تحاولون أن تسترجعون صحته بالادوية الموافقة لمرضه.
                        
الفصل الرابع والستون

     لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته ان الخاطئ لمريض العقل متى اضطهد انسانا، فقولوا لي أيشج أحد رأسه لتمزيق رداء عدوه؟ ، فكيف يكون صحيح العقل من يفصل عن الله رأس نفسه ليضر جسد عدوه، قل لي أيها الانسان من هو عدوك؟ ، إنما هو جسدك وكل من يمدحك؟ ، فلذلك لو كنت صحيح العقل لقبلت يد الذين يعيرونك، وقدمت هدايا للذين يضطهدونك ويوسعونك ضربا، ذلك أيها الانسان لانك كلما عيرت واضطهدت في هذه الحياة لأجل خطاياك قلّ ذلك عليك في يوم الدين، ولكن قل لي أيها الانسان اذا كان العالم قد اضطهد وثلم صيت القديسين وأنبياء الله وهم أبرار فماذا يفعل بك أيها الخاطئ؟ ، واذا كانوا قد احتملوا كل شيء بصبر مصلين لأجل مضطهديهم فماذا تفعل أنت أيها الانسان الذي يستحق الجحيم؟ ، قولوا لي يا تلاميذي ألا تعلمون أن شمعاي لعن عبد الله داود النبي ورماه بالحجارة، فماذا قال داود للذين ودوا أن يقتلوا شمعاي؟ ، ماذا يعنيك يا أيوب حتى انك تود أن تقتل شمعاي، دعه يلعنني لأن هذا بارادة الله الذي سيحول هذه اللعنة الى بركة، وهكذا كان لأن الله رأى صبر داود وأنقذه من اضطهاد ابنه ابشالوم، حقا لا تتحرك ورقة بدون ارادة الله، فاذا كنت في ضيق فلا تفكر في مقدار ما احتملت ولا فيمن أصابك بمكروه، بل تأمل كم تستحق أن يصيبك على يد الشياطين في الجحيم بسبب خطاياك، انكم حانقون على هذه المدينة لانها لم تقبلنا، ولم تبع لنا خبزا قولوا لي أهؤلاء القوم عبيدكم؟ ، أوهبتموهم هذه المدينة؟ ، أوهبتموهم حنطتهم؟ أو ساعدتموهم في حصادها؟ ، كلا ثم كلا، لأنكم غرباء في هذه البلاد وفقراء، فما هو اذا هذا الشيء الذي تقوله؟ ، فأجاب التلميذان: يا سيد اننا أخطأنا فليرحمنا الله، فأجاب يسوع: ليكن كذلك.

الفصل الخامس والستون

     وقرب عيد الفصح فلذلك صعد يسوع وتلاميذه الى اورشليم، وذهب الى البركة التي تدعى بيت جسرا، ودعى الحمام كذلك لأن ملاك الله كان يحرك الماء كل يوم ومن دخل الماء أولا بعد اضطرابه برئ من كل نوع من المرض، لذلك كان يلبث عدد غفير من المرضى بجانب البركة التي كان لها خمسة أروقة، فرأى يسوع مقعدا كان له هناك ثماني وثلاثين سنة مريضا بمرض عضال، فلما كان يسوع عالما بذلك بالهام إلهي تحنن على المريض وقال له : أتريد أن تبرأ ، أجاب المقعد: يا سيد ليس لي أحد يضعني في الماء متى حركه الملاك بل عندما آتى ينزل قبلي آخر ويدخله، حينئذ رفع يسوع عينيه نحو السماء وقال: أيها الرب إلهنا إله آبائنا ارحم هذا المقعد، ولما قال يسوع هذا: قال ((باسم الله ابرأ أيها الاخ قم واحمل فراشك)) فحينئذ قام المقعد حامدا لله ، وحمل فراشه على كتفيه وذهب الى بيته حامدا لله ، فصاح الذين رأوه : انه يوم السبت فلا يحل لك أن تحمل فراشك ، فأجاب : إن الذي أبرأني قال لي : ( إرفع فراشك واذهب في طريقك إلى بيتك ) فحينئذ سألوه : من هو ، أجاب : اني لا اعرف اسمه ، فقالوا عندئذ فيما بينهم : لابد أن يكون يسوع الناصري ، وقال آخرون : كلا لأنه قدوس الله أما الذي فعل هذا فهو أثيم لأنه كسر السبت ، وذهب يسوع إلى الهيكل فدنا منه جم غفير ليسمعوا كلامه ، فاضطرم الكهنة لذلك حسدا.

الفصل السادس والستون

     وجاء اليه واحد قائلا: أيها المعلم الصالح انك تعلم حسنا وحقا، لذلك قل لي ما هو الجزاء الذي يعطينا اياه الله في الجنة؟ ، أجاب يسوع: انك تدعوني صالحا وأنت لا تعلم ان لا صالح الا الله وحده كما قال أيوب خليل الله : ( الطفل الذي عمره يوم ليس نقيا بل ان الملائكة ليست منزهة عن الخطأ امام الله ) وقال أيضا: ( ان الجسد يجذب الخطيئة ويمتص الاثم كما تمتص اسفنجة الماء) فصمت لذلك الكاهن لأنه فشل، وقال يسوع : الحق أقول لكم لا شيء أشد خطرا من الكلام، لأنه هكذا قال سليمان : ( الحياة والموت هما تحت سلطة اللسان ) والتفت الى تلاميذه وقال: احذروا الذين يباركونكم لأنهم يخدعونكم، فباللسان بارك الشيطان أبوينا الاولين ولكن كانت عاقبة كلامه شقاء، هكذا أيضا بارك حكماء مصر فرعون، هكذا بارك جليات الفلسطينيين، هكذا بارك اربع مئة نبي كاذب أخاب، ولكن لم يكن مدحهم الا باطلا فهلك الممدوحون مع المادحين، لذلك لم يقل الله بلا سبب على لسان أشعيا النبي: ( يا شعبي ان الذين يباركونك يخدعونك) ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون، ويل لكم أيها الكهنة واللاويون لأنكم أفسدتم ذبيحة الرب، حتى أن الذين جاءوا ليقدموا الذبائح يعتقدون ان الله يأكل لحما مطبوخا كالانسان.

الفصل السابع والستون

     لأنكم تقولون لهم : (( احضروا من غنمكم وثيرانكم وحملانكم الى هيكل إلهكم ولا تأكلوا الجميع بل أعطوا نصيبا لإلهكم مما أعطاكم )) ولكنكم لا تخبرونهم عن أصل الذبيحة انها شهادة الحياة التي أنعم بها على ابن أبينا ابراهيم، حتى لا ينسى ايمان وطاعة أبينا ابراهيم مع المواعيد الموثقة معه من الله والبركة الممنوحة له، ولكن يقول الله على لسان حزقيال النبي : ( ابعدوا عني ذبائحكم هذه ان ضحاياكم مكروهة عندي) لأنه يقترب الوقت الذي يتم فيه ما تكلم عنه إلهنا على لسان هوشع النبي قائلا : ( اني أدعو الشعب غير المختار مختارا ) وكما يقول في حزقيال النبي : ( سيعمل الله ميثاقا جديدا مع شعبه ليس نظير الميثاق الذي أعطاه لآبائكم فلم يفوا به وسيأخذ منهم قلبا من حجر ويعطيهم قلبا جديدا ) وسيكون كل هذا لأنكم لا تسيرون الآن بحسب شريعته وعندكم المفتاح ولا تفتحون بل بالحري تسدون الطريق على الذين يسيرون فيها) وهم الكاهن بالانصراف ليخبر رئيس الكهنة الذي كان واقفا على مقربة من الهيكل بكل شيء، ولكن يسوع قال: قف لأني اجيبك على سؤالك .
                      
الفصل الثامن والستون

     سألتني أن أخبرك ما يعطينا الله في الجنة، الحق أقول لكم ان الذين يهتمون بالاجرة لا يحبون صاحب العمل، فالراعي الذي عنده قطيع من الغنم متى رأى الذئب مقبلا يتهيأ للمحاماة عنه، وبالضد منه الاجير الذي متى رأى الذئب ترك الغنم وهرب، لعمر الله الذي أقف في حضرته لو كان إله آبائنا إلهكم لما خطر في بالكم أن تقولوا: ماذا يعطيني الله، بل كنتم تقولون كما قال داود نبيه: ( ماذا أعطى الله من أجل جزاء ما أعطاني ) اني أضرب لكم مثلا لتفهموا، كان ملك عثر في الطريق على رجل جردته اللصوص الذين اثخنوه جراحا حتى الموت، فتحنن عليه وأمر عبيده أن يحملوا ذلك الرجل الى المدينة ويعتنوا به ففعلوا هذا بكل جد، وأحب الملك الجريح حبا عظيما حتى انه زوجه من ابنته وجعله وريثه، فلا مراء في ان هذا الملك كان رؤوفاً جداً، ولكن الرجل ضرب العبيد واستهان بالادوية وامتهن امرأته وتكلم بالسوء في الملك وحمل عماله على عصيانه، وكان إذا طلب الملك منه خدمة قال: ( ما هو الجزاء الذي يعطيني اياه الملك؟ ) فماذا فعل الملك بمثل هذا الكنود عندما سمع هذا؟ ، فأجاب الجميع: ويل له لأن الملك نزع منه كل شيء ونكل به تنكيلا، فقال حينئذ يسوع: أيها الكهنة والكتبة والفريسيون وأنت يا رئيس الكهنة الذي تسمع صوتي اني اعلن لكم ما قال الله لكم على لسان نبيه اشعيا: ( ربيت عبيدا ورفعت شأنهم أما هم فامتهنوني) إن الملك لهو إلهنا الذي وجد إسرائيل في هذا العالم مفعما شقاء ، فأعطاه لعبيده يوسف وموسى وهرون الذين اعتنوا به ، وأحبه إلهنا حبا شديدا حتى إنه لأجل شعب إسرائيل ضرب مصر وأغرق فرعون وهزم مئة وعشرين ملكا من الكنعانيين والمدينيين، وأعطاه شرائعه جاعلا اياه وارثا لكل تلك البلاد التي يقيم فيها شعبنا، ولكن كيف تصرف اسرائيل؟ كم قتل من الانبياء، كم نجس نبوة، كيف عصى شريعة الله، كم و كم تحول اناس عن الله لذلك السبب وذهبوا ليعبدوا الاوثان بذنبكم ايها الكهنة، فلكم تمتهنون الله بسلوككم والآن تسألونني: ماذا يعطينا الله في الجنة؟ ، فكان يجب عليكم ان تسألوني: أي قصاص يعطيكم الله اياه في الجحيم وماذا يجب عليكم فعله لأجل التوبة الصادقة ليرحمكم الله؟ ، فهذا ما أقوله لكم ولهذه الغاية أرسلت اليكم.

الفصل التاسع والستون

     لعمر الله الذي أقف في حضرته انكم لا تنالون مني تملقا بل الحق، لذلك أقول لكم توبوا وارجعوا الى الله كما فعل آباؤنا بعد ارتكاب الذنب ولا تقسوا قلوبكم، فاحتدم الكهنة لهذا الخطاب ولكنهم لم ينبسوا بكلمة خوفا من الشعب، واستمر يسوع في كلامه قائلا: أيها الفقهاء والكتبة والفريسيون وأنتم أيها الكهنة قولوا لي، انكم لراغبون في الخيل كالفوارس ولكنكم لا ترغبون في المسير الى الحرب، انكم لراغبون في الالبسة الجميلة كالنساء ولكنكم لا ترغبون في الغزل وتربية الاطفال، انكم لراغبون في اثمار الحقل ولكنكم لا ترغبون في حراثة الارض انكم لراغبون في اسماك البحر ولكنكم لا ترغبون في صيدها، انكم لراغبون في المجد كالجمهوريين ولكنكم لا ترغبون في عبء الجمهورية، وانكم لراغبون في الاعشار والباكورات كالكهنة ولكنكم لا ترغبون في خدمة الله بالحق، اذا ماذا يفعل الله بكم وأنتم راغبون هنا في كل خير بدون أدنى شر، الحق أقول لكم ان الله ليعطينكم مكانا يكون لكم فيه كل شر دون ادنى خير، ولما اكمل هذا يسوع جيء برجل فيه شيطان وهو لا يتكلم ولا يبصر ولا يسمع، فلما رأى يسوع ايمانهم رفع عينيه نحو السماء وقال: أيها الرب إله آبائنا ارحم هذا المريض واعطه صحة ليعلم هذا الشعب انك أرسلتني، ولما قال يسوع هذا أمر الروح أن ينصرف قائلا: بقوة اسم الله ربنا انصرف أيها الشرير عن الرجل، فانصرف الروح وتكلم الاخرس وأبصر بعينيه، فارتاع لذلك الجميع ولكن الكتبة قالوا: إنما هو يخرج الشياطين بقوة بعلزبوب رئيس الشياطين، حينئذ قال يسوع: كل مملكة منقسمة على نفسها تخرب ويسقط بيت على بيت، فاذا كان يخرج الشيطان بقوة الشيطان فكيف ثبتت مملكته، واذا كان أبناؤكم يخرجون الشياطين بالكتاب الذي أعطاهم اياه سليمان النبي فهم يشهدون اني أخرج الشيطان بقوة الله، لعمر الله ان التجديف على الروح القدس لا مغفرة له لا في هذا العالم ولا في العالم الاخر، لأن الشرير ينبذ نفسه عالما مختارا ولما قال يسوع هذا خرج من الهيكل، فعظمته العامة لأنهم احضروا كل المرضى الذين تمكنوا من جمعهم فصلى يسوع ومنحهم جميعهم صحتهم، لذلك اخذت الجنود الرومانية في اورشليم بوسوسة الشيطان تثير العامة في ذلك اليوم قائلين إن يسوع إله اسرائيل قد أتى ليفتقد شعبه.
                              
الفصل السبعون

     وانصرف يسوع من اورشليم بعد الفصح ودخل حدود قيصرية فيلبس، فسأل تلاميذه بعد ان أنذره الملاك جبريل بالشغب الذي نجم بين العامة قائلا: ماذا يقول الناس عني؟ ، أجابوا: يقول البعض انك ايليا وآخرون أرميا وآخرون أحد الأنبياء، أجاب يسوع: وما قولكم أنتم في؟ ، أجاب بطرس: انك المسيح بن الله، فغضب حينئذ يسوع وانتهره بغضب قائلا: اذهب وانصرف عني لأنك أنت الشيطان وتحاول أن تسيء الي، ثم هدد الاحد عشر قائلا: ويل لكم اذا صدقتم هذا لأني ظفرت بلعنة كبيرة من الله على كل من يصدق هذا، وأراد أن يطرد بطرس، فتضرع حينئذ الاحد عشر الى يسوع لأجله فلم يطرده، ولكنه انتهره أيضا قائلا: حذار أن تقول مثل هذا الكلام مرة اخرى لأن الله يلعنك، فبكى بطرس وقال: يا سيد لقد تكلمت بغباوة فاضرع الى الله أن يغفر لي، ثم قال يسوع: اذا كان إلهنا لم يرد أن يظهر نفسه لموسى عبده ولا لايليا الذي أحبه كثيرا ولا لنبي ما أتظنون ان الله يظهر نفسه لهذا الجيل الفاقد الايمان بل ألا تعلمون ان الله قد خلق بكلمة واحدة كل شيء من العدم وان منشأ البشر جميعهم من كتلة طين؟ ، فكيف اذا يكون الله شبيها بالانسان؟ ، ويل للذين يدَعون الشيطان يخدعهم، ولما قال يسوع هذا ضرع الى الله لأجل بطرس والاحد عشر وبطرس يبكون ويقولون: ليكن كذلك أيها الرب المبارك إلهنا، وانصرف يسوع بعد هذا ذهب الى الجليل اخمادا لهذا الرأي الباطل الذي ابتدأ أن يعلق بالعامة في شأنه.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارحب بالجميع فط راسلنى على البريد التالي :
nooral7q@gmail.com